منصة الصباح

نلتقي ليجتمع الوطن

زايد…ناقص

جمعة بوكليب

العنوان أعلاه كان شعار الملتقى الذي عُقد، في فندق باب البحر بطرابلس، في الأسبوع الماضي، واستمر لمدة يومين، وضمَّ كتاباً وفنانين وصحافيين وناشرين، جاءوا من كل مناطق ليبيا، بغرض التدارس والتشاور في قضايا تهمُّ الحركة الثقافية والإعلامية والفنية الليبية، وتحسين الظروف المعاشية للعاملين بها. الملتقى دعا إليه ونظّمه مركز ليبيا الوطن للإعلام. وبرعاية من مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية، ممثل بالنائب الأول لرئيس الوزراء،   ووزير الثقافة بالوكالة.

الملتقى، من دون شك، خطوة جادة وراقية وواعية في الاتجاه الصحيح، حتى وإن جاءت متأخرة، إلا أن حدوثها في هذه الفترة الزمنية تحديداً، وعلى مستوى ليبيا، يمنحها أهمية. ونتوجه بالشكر لكل الذين بادروا بها، وساعدوا على إنجازها. ونشكر أيضاً حكومة الوحدة الوطنية على اهتمامها وحرصها على المشاركة في جلسات الملتقى.

لم أتمكن شخصياً من متابعة جلسات الملتقى إلاّ عبر القليل من الأخبار والتقارير التي تسربت منشورة في مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) لكنها لم تشبع نهمي لمعرفة ما جرى في تلك الجلسات من حوارات، بين نخبة من أبناء وطن أضحى، في السنوات الأخيرة، كمركب بلا قبطان في بحر، تتقاذفه الأمواج من جانب لآخر، من دون أن تبدو في الأفق علامات تشي بوصوله إلى مرفأ آمن. وكنت خطأ أظن أن الملتقى كان بغرض التدارس والتشاور لإعادة تأسيس اتحاد للكتاب ونقابة للفنانين. لكن عبر شبكة صغيرة من الأصدقاء في الوسط الصحفي، تمكنت من الحصول على ما نشر من تقارير صحافية قليلة تخصّ الملتقى وما دار في جلساته من حوارات، تتعلق بقضايا عديدة أخرى ذات صلة بالقطاع الثقافي والعاملين به على تنوعهم.

وأن تصل الوضعية الثقافية والفنية والاعلامية في الساحة الليبية  إلى هذه الدرجة  من التجاهل والضعف والتهميش، فهذا وإن كان يدعو للأسف، ليس غريباً على بلد يعيش أوضاعاً استثنائية، منذ عقد من الزمن، ومازال في وضعية حرجة، عُرضة لعصف الرياح.

جاء وقتٌ توقفت فيه الصحف عن الصدور، واستمر ذلك لأربع سنوات، حتى صارت العاصمة طرابلس، العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تصدر بها صحف، نتيجة لتلك الظروف السيئة، وكذلك لانعدام حسّ المسؤولية والوطنية لدى من تولوا مقاليد الأمور، بأهداف لا تخفى على أحد، وفي وقت كانت تنفق فيه الملايين من الدينارات على قنوات إعلامية عقائدية و”بيزنسية” ساهمت بتعمد في إحداث شروخ هائلة بالنسيج الاجتماعي. وبالطبع، عملت كل تلك الظروف مجتمعة على إضعاف الوضع الثقافي عموماً والإعلامي خصوصاً. ولا زالت الصحافة الليبية، على وجه الخصوص،، حتى يومنا هذا، تعاني من التجاهل والتهميش الرسمي المتعمد. وما يقال عن الصحافة الورقية بالتأكيد يطال بقية القطاعات الاعلامية والثقافية الأخرى.

ما يهمُّ حقاً هو أن الملتقى أبان، من دون ريب، أن المثقفين والكتاب والإعلاميين والفنانين والناشرين الليبيين لم يتخلوا عن مواقعهم. وأن غيابهم في السنوات الماضية كان بدواع الضرورة. وأنهم، من خلال حرصهم على حضور الملتقى، أكدوا التزامهم بأهمية الثقافة والإعلام، وايمانهم بالدور الذي من الممكن أن تساهم فيه في إعادة  نسيج اللحمة الوطنية، وتأكيد وحدة الليبيين، والسعي لتأكيد قيم التسامح والتعايش المشترك.

تجربة السنوات الماضية كشفت حقائق كثيرة، ومن ضمنها أن غياب المثقفين والاعلامين والفنانين على الساحة أتاح فرصة لظهور فئات غريبة على السطح، عملت على نشر ثقافة السلاح والفساد وساهمت في تمزيق وحدة الوطن.

نأمل أن يكون الملتقى بداية لملتقيات أخرى، و بهدف واحد: ضخُ دم الحياة في الساحة الثقافية والإعلامية مجدداً.

شاهد أيضاً

موسى يؤكد ضرورة سرعة ودقة إدخال بيانات الحجاج للمنظومة الإلكترونية

أكد منسق المنطقة الوسطى أ (مصراتة – زليتن – الخمس – مسلاتة) علي محمد موسى …