منصة الصباح

حسابات‭ ‬الربح‭ ‬والخسارة‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ (‬3‭ /‬3‭ )‬

بقلم /أسعد أبوخليل

ترتسم‭ ‬ملاحم‭ ‬حرب‭ ‬مؤجّلة‭. ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وبين‭ ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬مُعدَّة‭ ‬أمريكيّاً‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬لكن‭ ‬هي‭ ‬تصعب‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإيرانية‭. ‬أميركا،‭ ‬التي‭ ‬تتهم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬وخصوصاً‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬بالوقوع‭ ‬تحت‭ ‬تأثيرات‭ ‬ثقافات‭ ‬تقليدية‭ ‬متخلّفة‭ ‬وبالالتزام‭ ‬بمبادئ‭ ‬الثأر‭ ‬والقبلية،‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬ثأرية،‭ ‬وتعتبر‭ ‬أن‭ ‬الانتقام‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬عقيدتها‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬كذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الاعتذار‭ ‬عن‭ ‬جرائمها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬المحظورات‭ ‬السياسية
الصفقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ـ‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وقضية‭ ‬السلام
رضوان‭ ‬السيد‭-‬الأيام‭ ‬الفلسطينية
ظللت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬خطاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بلحظات‭ ‬مهتماً‭ ‬بالشكل‭ ‬إذا‭ ‬صحَّ‭ ‬التعبير‭. ‬كنا‭ ‬نعرفُ‭ ‬جميعاً‭ ‬أنّ‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سيحضر‭ ‬خطاب‭ ‬الرئيس،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬سيصعد‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬المنبر‭ ‬ويتحدث‭ ‬بوصفه‭ ‬شريكاً‭ ‬كاملاً،‭ ‬أم‭ ‬سيبقى‭ ‬في‭ ‬القاعة‭ ‬ويتحدث‭ ‬أخيراً‭ ‬مُشيداً‭ ‬ومعظِماً‭ ‬ومستجيباً؟‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬أنّ‭ ‬نتنياهو‭ ‬شارك‭ ‬الرئيس‭ ‬وقفته‭ ‬وخطابه‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬وإلى‭ ‬النهاية‭. ‬فهناك‭ ‬صفقة‭ ‬إذاً،‭ ‬لأنّ‭ ‬كل‭ ‬صفقة‭ ‬بالمصطلح‭ ‬التجاري‭ ‬إنما‭ ‬تتم‭ ‬بين‭ ‬طرفين،‭ ‬وهما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الأميركي‭ ‬والإسرائيلي‭. ‬أما‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المفروض‭ ‬أنّ‭ ‬الصفقة‭ ‬يراد‭ ‬إجراؤها‭ ‬معه‭ ‬فهو‭ ‬غائب‭. ‬لكنْ‭ ‬إذا‭ ‬شئنا‭ ‬الدقة‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬غائباً‭ ‬تماماً،‭ ‬لأنّ‭ ‬الطرفين‭ ‬الأميركي‭ ‬والإسرائيلي‭ ‬يريدان‭ ‬الظهور‭ ‬كأنما‭ ‬يقدمان‭ ‬له‭ ‬عرضاً‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ردُّه‭ ‬أو‭ ‬رفضه‭ ‬لشدة‭ ‬إغرائه‭ ‬بوصفه‭ ‬آخِر‭ ‬فرصة،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭.‬
لكن‭ ‬لنتجاوزْ‭ ‬الشكليات‭ ‬ولو‭ ‬لدقائق‭. ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يعرض‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالأمر‭ ‬الواقع‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬عملت‭ ‬عليه‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬على‭ ‬الأقلّ‭. ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬جاءت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬فشرعنتْه‭ ‬خلافاً‭ ‬لأمرين‭: ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬ودورها‭ ‬بوصفها‭ ‬وسيطاً‭ ‬أو‭ ‬حَكَماً‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬المتنازعين،‭ ‬تتوافر‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬الحيادية‭ ‬والنزاهة،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬توازُنٌ‭ ‬في‭ ‬القوى؛‭ ‬فإنّ‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعدّل‭ ‬الكفة‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬لصالح‭ ‬قوة‭ ‬التوازُن‭. ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬الأميركيون‭ ‬بكل‭ ‬وقائعه‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الإدارة‭ ‬الحالية؟‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬قضايا‭ ‬صارت‭ ‬هي‭ ‬موضوع‭ ‬التفاوض‭: ‬جلاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتُلّت‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭. ‬ومسألة‭ ‬ضمانات‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية،‭ ‬ومسألة‭ ‬الحدود،‭ ‬ومسألة‭ ‬اللاجئين‭.‬‭ ‬وعندما‭ ‬تزايد‭ ‬الاستيطان،‭ ‬أُضيفت‭ ‬المستوطنات‭ ‬إلى‭ ‬قضايا‭ ‬الوضع‭ ‬النهائي‭. ‬وبمقتضى‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬عام‭ ‬1993‭ ‬جرى‭ ‬إنفاذ‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬البند‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬قيام‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬المحتلة‭ ‬بشروطٍ‭ ‬كثيرة،‭ ‬وما‭ ‬حصل‭ ‬تقدمٌ‭ ‬ملموسٌ‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬القدس،‭ ‬ومسـألة‭ ‬الأمن،‭ ‬ومسألة‭ ‬الحدود،‭ ‬ومسألة‭ ‬اللاجئين،‭ ‬ومسألة‭ ‬المستوطنات‭. ‬وكان‭ ‬سلاح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬للتصدي‭ ‬على‭ ‬التوالي‭: ‬حروب‭ ‬التحرير‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬ثم‭ ‬الانتفاضات‭ ‬في‭ ‬الداخل‭. ‬وعندما‭ ‬اعترفت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بإسرائيل‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو،‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬التحرير‭ ‬المسلح‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬أو‭ ‬الداخل‭ ‬سهلاً،‭ ‬وتراجعت‭ ‬حظوظ‭ ‬الانتفاضات‭ ‬الشعبية‭ ‬السلمية‭ ‬لأن‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تجاهها‭ ‬كان‭ ‬يجلب‭ ‬العنف‭ ‬إلى‭ ‬صفوفها‭. ‬وأخيراً‭ ‬فإنّ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬انقسموا‭ ‬على‭ ‬الاعتراف،‭ ‬وانقسموا‭ ‬استطراداً‭ ‬على‭ ‬إمكان‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭. ‬وما‭ ‬عاد‭ ‬عند‭ ‬السلطة‭ ‬غير‭ ‬تكتيكين؛‭ ‬أولهما‭ ‬إيقاف‭ ‬التفاوض‭ ‬ولهدفٍ‭ ‬واحدٍ‭ ‬هو‭ ‬وقف‭ ‬الاستيطان‭. ‬وثانيهما‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬اللجنة‭ ‬الرباعية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬متابعة‭ ‬إنفاذ‭ ‬‮«‬أوسلو‮»‬‭. ‬ومنذ‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ (‬وكان‭ ‬رائد‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬الرئيسي‭ ‬إسحق‭ ‬رابين‭ ‬قد‭ ‬اُغتيل‭ ‬عام‭ ‬1995‭)‬،‭ ‬سيطرت‭ ‬حكومات‭ ‬اليمين‭ ‬والمستوطنين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهي‭ ‬جميعاً‭ ‬ضد‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو،‭ ‬وضد‭ ‬مشروع‭ ‬الدولتين‭ ‬سراً‭ ‬وأخيراً‭ ‬علناً‭. ‬ومن‭ ‬الجهة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ازداد‭ ‬الضعف‭ ‬لأنّ‭ ‬القرار‭ ‬الفلسطيني‭ ‬انقسم‭ ‬بين‭ ‬‮«‬فتح‮»‬‭ ‬و«حماس‮»‬،‭ ‬ولأنّ‭ ‬مشروع‭ ‬السلام‭ ‬نفسه‭ ‬انخفضت‭ ‬شعبيته‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أيضاً،‭ ‬بدليل‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحرة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬ضمن‭ ‬أراضي‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬فاز‭ ‬خصوم‭ ‬أوسلو‭ ‬بأكثرية‭ ‬60‭%‬،‭ ‬وفازت‭ ‬‮«‬فتح‮»‬‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬بـ40‭%‬،‭ ‬وعندما‭ ‬كان‭ ‬ممكناً‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬موحدة‭ ‬مستقرة‭ (‬كان‭ ‬مثلاً‭ ‬من‭ ‬شروطها‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬بإسرائيل‭)‬،‭ ‬عملت‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬انقلاباً‭ ‬استولت‭ ‬بمقتضاه‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وشنّت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬حروب‭ ‬تحرير‭ ‬على‭ ‬حسابها‭ ‬مع‭ ‬مزايدات‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬فوقعت‭ ‬السلطة‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬بين‭ ‬اليمين‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬واليمين‭ ‬التحريري‭ ‬الإسلامي‭!‬
لقد‭ ‬عمل‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬عشرة‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬على‭ ‬حسم‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬والمشكلات‭ ‬لصالح‭ ‬حاضر‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬ومستقبلها‭: ‬زادوا‭ ‬عدد‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ومن‭ ‬حول‭ ‬القدس‭ ‬زيادة‭ ‬هائلة،‭ ‬وأعادوا‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأمن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ (‬أ‭) ‬المفروض‭ ‬أنها‭ ‬خاضعة‭ ‬تماماً‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وضمُّوا‭ ‬القدس‭ ‬غربيَّها‭ ‬وشرقيَّها‭ ‬وأعلنوها‭ ‬عاصمة‭ ‬أبدية‭ ‬للدولة،‭ ‬وأعلنوا‭ ‬أخيراً‭ ‬عن‭ ‬عزمهم‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الحدود‭ ‬بضمّ‭ ‬المستوطنات‭ ‬بما‭ ‬يتجاوز‭ ‬السور‭ ‬الواقي،‭ ‬وبضمّ‭ ‬غور‭ ‬الأردن‭ ‬باستثناء‭ ‬مدينة‭ ‬أريحا‭. ‬وجاء‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬فاعترف‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بكلّ‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬صنعته‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وزاد‭ ‬في‭ ‬الطنبور‭ ‬نغمة‭ ‬فاعترف‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بضم‭ ‬الجولان‭ ‬السوري‭! ‬وهكذا‭ ‬لم‭ ‬يبقَ‭ ‬من‭ ‬‮«‬أوسلو‮»‬‭ ‬شيء‭ ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬أجزاء‭ ‬الضفة‭ ‬الخاضعة‭ ‬تماماً‭ ‬للأمن‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وهي‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭.‬
ماذا‭ ‬عرض‭ ‬الأميركيون‭ ‬ونتنياهو‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين؟‭ ‬أولاً،‭ ‬قال‭ ‬ترامب‭ ‬إن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ثلاثة‭ ‬حقوق‭ ‬أو‭ ‬امتيازات‭: ‬الحقوق‭ ‬التاريخية،‭ ‬وأنها‭ ‬واحة‭ ‬حرية‭ ‬وديمقراطية‭ ‬واستقرارٍ‭ ‬وسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬المضطرب،‭ ‬وأنها‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬آمنة‭ ‬تماماً،‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬كذلك‭ ‬إلاّ‭ ‬بضمّ‭ ‬الأراضي‭ ‬إضافةً‭ ‬بالطبع‭ ‬إلى‭ ‬السلاح‭ ‬النووي،‭ ‬والجيش‭ ‬المتفوق،‭ ‬والضمان‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأميركي‭… ‬والروسي‭!‬
أما‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬فقد‭ ‬عرض‭ ‬عليهم‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة‭ ‬متواصلة‭ ‬الأجزاء‭! ‬وهو‭ ‬مستعد‭ ‬إذا‭ ‬وافقوا‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬حول‭ ‬التفاصيل‭ (‬العقارية،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وهو‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬صهر‭ ‬ترامب‭ ‬جاريد‭ ‬كوشنر،‭ ‬وهو‭ ‬خبير‭ ‬عقاري‭ ‬في‭ ‬الأصل‭!) ‬أن‭ ‬يمنحهم‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الفقر،‭ ‬إذا‭ ‬اجتنبوا‭ ‬العنف‭ ‬والفساد‭. ‬ما‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬يراد‭ ‬حلُّها‭ ‬ليست‭ ‬سياسية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مشكلة‭ ‬فقر‭ ‬وفساد‭ ‬وعنف‭ ‬وإدارة‭ ‬سيئة‭ ‬للعقارات؟‭ ‬المشكلة‭ ‬كثرة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬ملايين‭ ‬بين‭ ‬النهر‭ ‬والبحر،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬يهود‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭. ‬ولذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يستقلوا‮»‬‭ ‬لكن‭ ‬داخل‭ ‬الأسوار‭ ‬التي‭ ‬تفصلهم‭ ‬عن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المتفوقين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬والمزدهرين‭! ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فالذي‭ ‬سمع‭ ‬كلمة‭ ‬نتنياهو‭ ‬جيداً،‭ ‬يبدو‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تفاصيل‭ ‬لا‭ ‬تُعجب‭ ‬نتنياهو‭ ‬مثل‭ ‬وقف‭ ‬الاستيطان‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬ومثل‭ ‬تجاهُل‭ ‬قصة‭ ‬غور‭ ‬الأردن،‭ ‬ومثل‭ ‬تسويات‭ ‬قضايا‭ ‬اللاجئين،‭ ‬وأن‭ ‬القدس‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬عاصمة‭ ‬أبدية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ولها‭ ‬السيادة‭ ‬عليها؛‭ ‬فإنّ‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الموعودة‭ ‬ستقع‭ ‬عاصمتها‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬ومخيم‭ ‬شعفاط‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬أحيائها،‭ ‬وأنه‭ ‬ستبقى‭ ‬للأردن‭ ‬علاقة‭ ‬ما‭ ‬بالأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية‭!‬
هل‭ ‬تنجح‭ ‬الصفقة؟‭ ‬لن‭ ‬تنجح،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وليس‭ ‬لأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لن‭ ‬يوافق‭ ‬عليها،‭ ‬وليس‭ ‬لأنّ‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬يقفون‭ ‬ضدها؛‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الهائلة،‭ ‬والشيطان‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬التفاصيل،‭ ‬ولأنّ‭ ‬المستوطنين‭ ‬واليمينيين‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬يوافقوا‭ ‬عليها‭ ‬فهم‭ ‬يريدون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬ونتنياهو‭ ‬يستفيدان‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭. ‬وربما‭ ‬يحصل‭ ‬كوشنر‭ ‬على‭ ‬عمارة‭ ‬في‭ ‬أريحا‭. ‬أما‭ ‬السلام‭ ‬فهو‭ ‬لإسرائيل‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭: ‬‮«‬والله‭ ‬غالبٌ‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‮»‬‭. ‬

شاهد أيضاً

عودة الطفل “طه” إلى عائلته

أكد مصدرٌ بدار رعاية البنين “أبوهريدة” بالعاصمة طرابلس، اليوم الثلاثاء، أن مأساة الطفل “طه” انتهت …