منصة الصباح

تجار ..أم قطاع طرق ؟

جمال الزائدي

 

جاء في منظومة الأمثال الشعبية الليبية : – ضربوه على راسه طاح مداسه..ويوظف المثل للتدليل على فقدان الصلة بين السبب والنتيجة في سياق تبريري مخادع يتوخى إضفاء مسحة من المنطق على حالة عبثية ..تماما كما يفسر أصحاب المخابز والتجار ظاهرة ارتفاع سعر الخبز والسلع الأخرى مؤخرا.. باعتباره جزء من انعكاسات الحرب القائمة في أوكرانيا هناك في أقصى شمال الكوكب..

بين بلادنا وتلك البلاد بحار وفجاج وغابات تمتد آلاف الكيلومترات ولا نستورد منها حسب تصريحات السيد الحويج وزير الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية سوى كمية محدودة من مادة القمح لا تتجاوز العشرين بالمائة ناهيك عن أن المخزون الاستراتيجي من المادة نفسها – والكلام دائما للحويج- يكفي لأزيد من عام .. ومع ذلك تصر عصابة اللصوص المسيطرة على قوت الليبيين على وجود علاقة وثيقة بين الارتفاع الجنوني للأسعار وبين ما يجري بين القيصر وجيرانه..

لا عاقل بيننا يمكنه أن يلوم الحكومة وأجهزتها..ذلك أن الحكومة وأجهزتها..لاحول ولا قوة  ..إذ ان المركز التجاري الرئيسي بالعاصمة أو   ما يعرف ب ” سوق الكريمية ” الذي يزود أسواق المدن والقرى والبلدات في كافة أنحاء البلاد باحتياجاتها من السلع والمواد الغذائية منطقة شبه محظورة على الحرس البلدي و أجهزة الضبط القضائي المسؤولة عن مراقبة الأسعار  ولا تخضع لسلطان أو قانون محلي سوى سلطان و مزاج كبار التجار وزعماء المافيات ..

الحقيقة ان العصبة المسيطرة على السلع والمواد الأساسية والضرورية التي لا غنى عنها في المعيشة اليومية للمواطن لا تتعاطى مع حالة الفراغ المؤسساتي والعجز الحكومي بعقلية تجارية براغماتية بل بعقلية لصوصية مجرمة..فالتاجر الذي يسعى إلى المنفعة الشرعية المستمرة لايحاول القضاء على القوة الشرائية للمستهلك الذي تقوم تجارته اساسا على وجودها..

هؤلاء يشبهون إلى حد كبير قطاع الطرق الجبناء غايتهم ان يضربوا ضربتهم ويفروا إلى العتمة ..ولا يعنيهم أن ينهار إقتصاد البلاد ويزداد التضخم وينتشر الفقر ويذهب الدينار الليبي  إلى قاع الهاوية ويفقد قيمته حتى يحتاج المواطن المنكوب إلى عربة يد ” برويطة ” يحمل عليها أكوام العملة وهو في طريقه لشراء الخبز اليومي لأطفاله..

شاهد أيضاً

عيد الوحدة الوطنية

مفتاح قناو في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي كنا طلابا في المدارس الابتدائية، وكان …