منصة الصباح

عودة الابن الضال

مفتاح قناو

______

قبيل عودته للاستقرار بصورة نهائية في وطنه روسيا بعد سنوات طويلة قضاها في دول أوربا الغربية، أكمل الموسيقار الروسي الكبير سيرجي بروكوفيف في عام 1929 تأليف وقيادة الاوركسترا التي قدمت أوبرا عودة الابن الضال في العاصمة الفرنسية باريس، وقد نجح العمل نجاحا كان من أهم أسبابه المهارة العالية لراقصي فرقة الباليه الروسية.
شكلت أوبرا عودة الابن الضال أهم انتصارات قائد فرقة الباليه الروسية دياغاليف ولكنها كانت أيضا عمله الأخير حيث توفي أثناء عرضها في مدينة البندقية.
ورحلة الموسيقار بروكوفيف مع التأليف الموسيقى الطويلة فقد كانت البداية في سن الثالثة عشرة حين قام بتأليف أوبرا بعنوان العربدة خلال الطاعون، وقد اقتبسها من رواية الطاعون للروائي الروسي بوشكين.
تميزت حياة بروكوفيف بالجرأة حيث ضاق به أساتذته الواحد بعد الأخر، حيث كان في نظرهم متعجرفاً معتدا بنفسه، يعتبر نفسه مؤلفا موسيقيا وهو على مقاعد الدراسة.
خضع بروكوفيف إلي دروس تعليم البيانو، ودروس فن قيادة الاوركسترا، لكن معلمة البيانو لم تتحمل تحدياته وخلافاته معها حول الكثير من الأعراف الموسيقية، لكنه تعلم دروس الأوركسترا على يد الموسيقار نيكولاس تشربين الذي قال له في إحدى المرات (انك لا تملك موهبة قيادة الاوركسترا ولكن أرى لك مستقبلاً في التأليف الموسيقى لذلك أعلمك قيادة الاوركسترا لأني اعرف انك ستحتاج إلى ذلك مستقبلا.
في سن الثالثة والعشرين اشترك بروكوفيف في مسابقة روبنشتاين التي أقيمت في ربيع 1914 وكان على كل مشترك أن يقدم مقطوعة خاصة بالعزف على البيانو مع كونشترو كلاسيكي، وعندما ظهر بروكوفيف على المسرح أدهش عزفه هيئة التحكيم، وبعد مداولات ساخنة قرروا منحه الجائزة الكبرى للمسابقة.
بعد الثورة البلشفية عاد بروكوفيف إلى الاتحاد السوفيتي، وقد طالبته الحكومة الجديدة بتقديم فن طليعي، وإنتاج أعمال ترتبط بالشعب، وتصور حياته اليومية وتشاركه آماله وأحلامه، لذلك شارك بروكوفيف في وضع الموسيقى التصورية لأشرطة سينمائية مهمة مثل فيلم (الضابط كيجيه) ووضع موسيقى (الليالي المصرية ) وشارك في تقديم أعمال تخص الأطفال مثل (البطة الصغيرة الشريرة) ووضع الحان مقطوعة بطرس والذئب والعمل الأسطوري القزم الصغير.

في زمن الحرب العالمية الثانية، وبعد وصول القوات الألمانية إلى مشارف موسكو، نقلت الحكومة السوفيتية كبار الفنانين إلى مدن بعيدة عن المعارك، فأقام بروكوفيف في قرية تسمي ( نالتشيك ) ألف فيها أوبرا (حرب وسلام) وهى عن رواية الحرب والسلام للكاتب الروسي (تولستوي) ثم وضع موسيقى فيلم إيفان الرهيب للمخرج الروسي ايزنشتاين وهو فيلم من ثلاثة أجزاء .
كانت آخر أعمال بروكوفيف المتميز أوبرا حراس السلام التي وصف فيها المآسي التي حدثت خلال سنوات الحرب والتي عبرت عن دموع الأمهات وصراخ الأطفال والخراب الذي أصاب المدن التي دمرتها آلة الحرب.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …