بلا ضفاف
عبد الرزاق الداهش
نستطيع أن نقول ليبيا ليست دولة مؤسسات، وليست دولة قانون، ولكن لا يمكن أن نقول لا توجد في ليبيا مؤسسات، ولا قانون.
أما أي كلام أخر، فهو جزء من حالة تراشق سياسي.
المشكلة ليست في المؤسسات، إنما في الذهنية التي تدير هذه المؤسسات، وهي في الغالب ليست مؤسساتية بالمرة.
مصرف ليبيا المركزي عمره كمؤسسة يقترب من السبعين، ومؤسسة النفط يتخطى الخمسين.
وأغلب القوانين من خمسينات القرن الماضي، عدلت بعض موادها، أو طلت على حالها.
التعليم، الامتحانات، رخص القيادة، البطاقة الشخصية، مشتقات أخرى تنتسب كلها لدولة المؤسسات، والقانون.
مشكلة هذه الذهنية اللا مؤسساتية، أنها لا تتعامل مع وزارة الصحة مثلا كقطاع بل كإقطاعية.
وتبعا لهذا المنطق سنجد شركة السيد فولان رغم أنها شركة مملوكة للدولة، ومصلحة السيد علان، وجهاز الحاج سين الحكومي.
هذه الذهنية تغلب الولاء على العطاء، وتتعامل مع الوظائف كمكافآت وليس ككفاءات، وأسوأ ما في ذلك، عندما تسيطر الثقافة الغنائمية.
كما أن هذه الذهنية لا تتعامل مع الماضي بمنطق التراكم، البنية الاساسية للتطور، بل تتعامل معه بمنطق القطيعة، وكأن التاريخ يبدأ مع بداية كل مدير جديد.
لا يمكن أن نبني دولة بدون ذهنية مؤسستي، حتى لو استعرنا أفضل منظومة، من أكثر المؤسسات نجاحا في العالم، سرعان ما نخربها، وقبل ذلك هناك ستين رداح سوف ينفخ رأسك بحجة أو ذريعة (الخصوصية الليبية).
لا يمكن أن نبني دولة بدون تعزيز قيم المواطنة، كبديل لقيم القبيلة، والعشيرة، والمنطقة، ولو حرصنا.