منصة الصباح

الفنان أحمد الغماري..في محاكاة الطابعات الرقمية

عدنان بشير معيتيق

الفنان احمد الغماري يهتم بمدرسة الهابريالزم الواقعية الفائقة جدا , نجح في توظيفها لتمرير افكاره الخاصة والتي يظهر فيها اطلاعه الواسع على فلسفات ونظريات الفنون الحديثة, يركز الفنان على التنافس مع الالة ويحاول محاكاتها في انتاج اعمال باليد توحي بالاقتراب من الكاميرا , رسم الناس العاديين من هم في الهامش وكان يركز على الحالة النفسية لهم وابرازها في اغلب بورتريهاته المرسومة رغم اسلوبه البالغ الدقة في الوصف للملامح الا انه كان يغوص في داخل كل واحد منهم فتظهر مسحة غرائبية على ملامح اعماله .

اعمال الفنان  بورتريهات كأنها انتجت بالطابعات فالإتقان يصل الى درجة رفيعة و  الخطاب عنده تقترب من فن الفكرة لتحدد ملامح اخرى لموضوعات ما بعد الحداثة في تناول القضايا الاجتماعية للناس العاديين بل المصابين بالأمراض النفسية فالفنان تربطه علاقة وطيدة بأفراد من جيرانه الغير متزنين نفسيا خصوصا بعد الحروب الطاحنة التي مرت بها البلاد في موضوع واحد يرسم شخصية معينة ويصورها بالكاميرا ويتم عرضهما معا كعمل واحد في مقارنة تفسح المجال لتوالد الافكار والانطباعات عن ذوي الاحتياجات من الذين يحتاجون إلى الانتباه من المجتمع المحيط بهم.

الفنان احمد الغماري لا يقدم ابطالا اسطوريين منتصرين بل اشخاصا مهزومين بأرواحهم الهائمة بأعمال انيقة مستخدما ألوان الاكريليك بلون مونوكرومي تميل الى القتامة في اغلب الاحيان مما تستدعى انزعاجا ما مرتبط مع بهجة النظر الى تقنية رفيعة في الاداء لرسم فن فوتورياليزم .

اعمال فنية متحررة من الابتذال المحلي التي في اغلبها تجارب تشكيلية ليبية تتبنى خطابا مباشرا ومنخفضا في نبرة صوتها ومرتبكة في اغلب الاحيان مما يجعلها معزولة عن محيطها الداخلي والخارجي مقارنة بتجارب تشتغل في نفس الاتجاه من مدارس الرسم الواقعي « الواقعية الفائقة « والتي حققت نجاحات على اقل تقدير في البلدان المجاورة والتي مرت بظروف مشابهة الى حد كبير من تاريخها الحديث فأعمال الغماري تحمل خطابا حداثيا في تقديم وتناول مواضيعها الفنية فالتركيز على الباطني بالتزامن مع الاهتمام بالأسطح المنفذة بشكل متقن من حيث نقل ورسم الاشكال الى حدود الاقتراب من الصورة الفوتوغرافية والإخراج السينمائي من حيث اضاءات منضبطة وتكوينات مدروسة بعناية فائقة تضفي على المعنى ما يريد قوله الفنان بالإضافة الى تمكنه من التشريح والأبعاد في رسمه للبورتريهات التي تعتبر اغلب مناطق اشتغاله في اعماله الفنية.

عدم اتخاذ من صور الفولكلور الليبي مدخلا لتصوراته الذهنية في انتاج اعماله رغم ملامح ليبية واضحة جدا في كل بورتريهاته المرسومة يجعل منه متفردات في خطابه ومتمكنا من ادوات بديلة تساهم في تقديم منتج محلي بصياغة معاصرة فالنص البصري عنده تشترك فيه عدة عوامل حتى يصل الى شكله النهائي فاللوحة المرسومة ليست بالضرورة نهاية القصة فربما يصاحبها صورة فوتوغرافية لنفس الشخص في حالات نفسية مأزومة تشرح ملامحه المرسومة بمادة الاكريليك في صياغاتها التقليدية المعتادة كبورتريه يوثق لشخصية معينة بل هي شرح وإشارة الى هذه الشخصية المحتاجة الى انتباه ورعاية من مجتمعها المحيط بها.

الفنان التشكيلي أحمد الغماري .  من مواليد طرابلس 1971، تحصل على دبلوم من معهد ابن منظور سنة 1992.انخرط في مجال فنون الرسم والتصوير بشكل فعلي منذ أواخر ثمانينيات القرن المنصرم، ومنذ منتصف التسعينيات انحصر إنتاجه الفني في رسم وتصوير لوحات بالأسلوب الواقعي المعاصر (photorealism) وانصب اهتمامه على رسم الوجوه باعتبارها مرآة للروح البشرية، بالإضافة إلى رصد موديلاته المستهدفة في مشروعه الفني من خلال عدسة آلة التصوير الفوتوغرافي أثناء ممارستهم حياتهم الاعتيادية في إطار ما عرف بـ(تصوير اليوميات – Photography Daily).

اهم المشاركات بمتحف الفن الحديث بمدينة فيينا والذي كان بمناسبة مرور نصف قرن على ظهور تيار الواقعية الجديدة و بمتحف الفن الحديث في بودابست و متحف الفن الحديث بآخن الألمانية لنفس المعرض في ثلاث محطات ، مشاركات اخري في تونس والاردن ، كما كانت له عدة مشاركات المحلية في طرابلس ومصراتة ، عضو مؤسس لجمعية المتوسطي للفنون .

شاهد أيضاً

فرسانُ الاعتمادات

عبدالرزاق الداهش عندما ترمي نحو نصف مليون دينار في حفل زفاف، وعلى قول أخوتنا المصريين …