منصة الصباح

قصة.. تحققُ الحلم

عمر أبوالقاسم الككلي

منذ حوالي أربعة عقود، وإحدى أمنياتي الأثيرة أن تكون لي ثلاجة صغيرة الحجم، خاصة بي. ثلاجة أنيقة، خفيفة، ظريفة، تربطني بها علاقة خاصة، أأنس بقربها، وأحن إليها في بعدها. ثلاجة تكون زاخرة، على نحو مصنف ومنسق، بما نضج ولذ من فواكه، وساغ ومريء من أغذية معلبة جاهزة للالتهام، وأشربة، منها ما ينعش، ومنها ما يبهج.

تكون مستكنة في ركن معتدل الحرارة هاديء في مكتبي (مفضل) حين تكون لي غرفة مكتب، أو غرفة النوم، فردية كانت أم زوجية (وسواء كانت» زوجية» منسوبة إلى سعة السرير أو إلى الأحوال الشخصية). تهر بصوتها الخفيض الأنيس.

وأنا جالس في مكتبي أقرأ أو أكتب، أنهض، بين الساعة والأخرى، أتناول شيئا لذ، أو شيئا ساغ، أو شرابا روَّى، أو أنعش، أو حتى شرابا أبهج، كي أعود إلى مواصلة القراءة أو الكتابة ملتذا، أو مستسيغا، أو منتعشا، أو مبتهجا، أو على الأقل مرتويا، وأواصل ما كنت فيه من متعة المعرفة، أو متعة الإبداع.

أو أتناول شرابا يبهج وأدخل السرير الفردي أو الزوجي (أيا كانت النسبة) كي أمارس متعة من متع الأسرة، إن كانت متاحة (أي المتع).

واضح أن هذا الحلم مرتبط، ليس فقط، بحالة من الرفاه، وإنما الهناء أيضا.

وأخيرا تحقق حلم الحصول على الثلاجة!

كانت ثلاجة صغيرة بارتفاع 82.6 سم وعرض 47 سم وعمق 49 سم. وخفيفة بوزن 25 كغ. بابها ذو لون بني فاتح (وهو لون أحبه) يبدو كما لو أنه باب خشبي، وملصقة على زاويته اليسرى السفلى صورة زاهية لبرتقالة كاملة تبرز منها ورقتان خضروان، ونصف برتقالة، ومكتوب على الصورة عبارة» “fresh بخط كبير أزرق اللون وتحتها بخط صغير أسود» concise & excellent» التي يمكن أن تترجم في هذا السياق: زاخر ورائع، ولون جانبيها بني غامق أقرب إلى أن يكون أسود، أما سطحها وظهرها فأسودان سوادا صريحا. وهي من تصميم إيطالي وصناعة إماراتية (البلد بالبلد يقارن: استقلت ليبيا في 24 ديسمبر1951، واستقلت الإمارات في 2 ديسمبر1971).

لم أضعها في غرفة المكتب، ولا في غرفة النوم (بالأحرى الغرفة التي أنام فيها)، ليس بسبب الضجيج الصادر عنها، فصوتها، والحق يقال حتى على ثلاجة الحلم، مرتفع إلى مشارف الإزعاج، وهو أقرب إلى صوت غليان الماء منه إلى الصوت المنتظم المعتاد لمحركات الثلاجات (يشير الكتيب المرفق إلى أن مستوى الضجيج فيها 39 dB(A) وهو أمر لا أفهم المقصود منه)، وإنما لأنه ليس لدي مكتب، كما إن الغرفة التي أنام بها بعيدة، بعدا قصيا، عن رفاه أن تكون بها ثلاجة. بل وضعتها في ما تمكن تسميته بالمطبخ، لأنها الثلاجة الوحيدة في البيت الذي يؤيني إيواء مؤقتا (لست أدري مدى هذا التوقيت)، ونادرا ما يكون بها ما نضج ولذ… إلخ. وإنما تقتصر محتوياتها، غالبا، على ما روَّى وملأ المعدة.

لكن الحلم بامتلاك «ثلاجة صغيرة الحجم، خاصة بي» قد تحقق.

شاهد أيضاً

الأولمبي يبدأ رحلة المهمة الصعبة بالمنافسة على سداسي التتويج

بدأ فريق الأولمبي رحلة التحضيرات الجادة بالدوري الليبي لكرة القدم من أجل المنافسة على حجز …