نقوش
بقلم / منصور ابوشناف
كما اشرت سابقا لقب جديد يخص “ المثقفين” واخرجت الجماهير ماوجدته من كتب في تلك البيوت واحرقتها بالطبع لم تطغ روائح الورق والحبر المحترقين في طرابلس تلك الايام على رائحة الغبار التي ظل “الليبيتشيو” ينفثها حارة وخانقة .
بطلنا وبعد ان عاد الى البيت اخرج كتاب السنيورة الذي ظلت تخرجه وتقرا له منه فصل الجحيم واقام له حفلة حرق كتلك التي شاهد الجماهير تقوم بها على التلفزيون القاه على عشب الحديقة وغطاه بالاعشاب الجافة واشعل فيه النار ولكن ذلك لم ينجح ولم يحترق كتاب الجحيم فتدخلت سالمة بعد ان ابعدته قليلا ومزقت الكتاب الى قطع ووضعت العشب الجاف تحته ثم غطته به وما إن اشعلت العشب تحته حتى سرت النار في الورق والحبر والاعشاب في تلك اللحظات تذكر انه لم يشعل نارا في حياته من قبل ظل يرى النار تشتعل ولم يحاول ان يشعلها طوال حياته البشرية الماضية .
كانت بعض نتف الورق تطير هاربة من المحرقة حاملة بعض الكلمات وكانت سالمة تعيدها الى المحرقة بعد ان تطاردها وهي تطير كانت تلتقط بعضها من الهواء وبعضها بعد ان يحط ولم تتركها الا بعد ان تحول الكتاب الى هباء نثرته الريح في كل ارجاء الحديقة ثم تلاشى في غبار «الليبيتشيو» الحار.
وكنت انا كاتب هذه الاليجوريا وانا اكتب السطور السابقة افكر في كتابة حكاية هروب كتاب من محرقة وماعاناه وكيف كان يغير غلافه وعنوانه من مدينة الى اخرى ومن قرية الى اخرى كان الكتاب “الهارب” من المحرقة ثقيل الوزن وماكان بامكان رياح الرحمة ان تحمله لذا ظل يزحف على بطنه كسلحفاةعجوز حتى وصل مكب قمامة واخفى جسده المتهالك تحت القمامة لتفاجئه النار منتصف الليل بعد ان اشعل عمال النظافة النار في كوم القمامة ليتدحرج دون ان يدري الى اين حتى وجد نفسه في حضن شجيرة مباركة اخفته عن عيون المطاردين لايام قبل ان تقتلعها عاصفة «ليبيتشوا» وتطيرها بعيدا وتتركه في العراء .
الكتاب الهارب عانى مطاردة النار والريح والامطار والفئران وكل انواع القوارض وتطايرت اوراقه واحدة بعد الاخرى ولم يتبق منه الا غلاف قوي .
“امثولة الكتاب” التي ضمنتها سردي هذا مستطردا كالعادة لم استطع متابعتها وكتابتها بشكل افضل رغم انتمائها لهذا اللون الذي اكتبه الآن وتقبل جسد هذه الاليجوريا لها الا انها كانت بحاجة لغبش ارجنتيني اسمه “بورخيس” لتكتب بشكل افضل !!
فصل من روايتي “الكلب الذهبي”