الصباح-وكالات
اتهم مجلس النواب الأمريكي الرئيس دونالد ترامب بإساءة استغلال سلطاته وعرقلة تحقيقات الكونغرس، ليواجه في المرحلة التالية عملية قد تفضي إلى عزله، إذا توفر دعم كاف في مجلس الشيوخ لذلك.
وتتركز القضية كلها على إن كان من الصواب أو من غير الصواب أن يطلب ترامب المساعدة من أوكرانيا لتعزيز فرص إعادة انتخابه في 2020.
وأصبح ترامب بذلك هو الرئيس الثالث، في تاريخ الولايات المتحدة، الذي يتعرض لعملية قد تفضي إلى عزله.
وصوت أعضاء مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي، بالموافقة على إحالة القضية إلى مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري، لبدء محاكمة ترامب من أجل عزله.
ويتهم ترامب بالضغط على أوكرانيا لكشف معلومات مضرة لمنافسه الأساسي في الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة في 2020، جو بايدن، وابنه هانتر.
وكان هانتر يعمل في شركة أوكرانية عندما كان جو بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما.
ويتهم ترامب بالربط بين أمرين كورقة مساومة مع أوكرانيا – احتجاز 400 مليون دولار مساعدات عسكرية لأوكرانيا، خصصها الكونغرس بالفعل، وترتيب اجتماع في البيت الأبيض للرئيس الأوكراني مع ترامب.
ويرى الديمقراطيون أن هذا يبلغ حد إساءة استغلال السلطة، واستخدام المنصب للحصول على مكاسب سياسية شخصية، والإضرار بالأمن القومي. وكانت أوكرانيا ستستخدم تلك المساعدات المالية في صراعها المستمر مع روسيا.
ويقول خبراء قانونيون إنه لا يمكن مقاضاة الرؤساء في الولايات المتحدة خلال وجودهم في سدة الحكم، ولذلك فالطريقة الوحيدة التي قد يمكن بها التخلص من الرئيس هي توجيه تهم إليه ثم محاكمته مما قد يفضي إلى عزله.
ولكن كيف يمكن أن يتم هذا العزل؟ وهل هناك رؤساء عزلوا في السابق؟
في هذا السياق، تعني عبارة «العزل» توجيه اتهامات في الكونغرس قد تشكل أسسا لإحالة الرئيس إلى المحاكمة.
وينص الدستور الأمريكي على أن الرئيس «قد يعزل من المنصب في حالة اتهامه بالخيانة، أو الرشوة، أو غيرها من الجرائم والتهم الخطيرة».
وينبغي أن تبدأ الإجراءات من مجلس النواب، ولا تحتاج إلا إلى أغلبية بسيطة لتمريرها. أما محاكمة الرئيس فيجب أن تتم في مجلس الشيوخ.
وفي هذه الحالة، سيكون من الضروري الحصول على أصوات ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ من أجل تمرير قرار عزل الرئيس، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
ولم يواجه هذه الإجراءات إلا رئيسان أمريكيان في تاريخ الولايات المتحدة، بالرغم من التهديدات التي أطلقت في مناسبات عدة.
ففي السنوات الأخيرة، واجه بيل كلينتون – الرئيس الـ42 للولايات المتحدة – إمكانية عزله بتهم الكذب أمام هيئة محلفين كبرى، وعرقلة مجرى العدالة، وذلك بعد كذبه حول طبيعة العلاقة التي ربطته بمونيكا لوينسكي، وطلبه منها أن تكذب حول الموضوع بعد ذلك.
وكان مجلس النواب قد صوت بأغلبية 228 مقابل 206 لتوجيه التهمة الأولى إلى كلينتون، و221 لـ 212 فيما يخص التهمة الثانية.
الحالة الثانية لم تتعلق بريتشارد نيكسون، كما قد يتوقع كثيرون ، فقد نجا نيكسون بنفسه عندما عرف أن التيار يسير ضده، فاستقال من منصبه.
لكن الرئيس الأمريكي الوحيد الآخر الذي واجه إجراءات الاتهام والمحاكمة كان هو أندرو جونسون، الذي تولى منصب الرئاسة في عام 1865، وكان الرئيس الـ17 للولايات المتحدة.
وكان مجلس النواب قد اتهم الرئيس جونسون وطالب بعزله في عام 1868. وجاء التصويت بعد محاكمته في مجلس الشيوخ بعد مضي 11 يوما فقط، عقب تنحيته وزير الدفاع أدوين ستانتون بسبب عدم اتفاق الأخير مع سياساته.
ولم تغفل الصحافة الأمريكية أوجه الشبه بين تنحية ستانتون في عام 1868، وقرار الرئيس ترامب بطرد رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي، جيمس كومي، الذي لم يتفق مع الكثير من سياساته.
ولكن جونسون نجا من العزل بفارق قليل جدا من الأصوات، بخلاف الوضع مع كلينتون، إذ فشلت محاولة عزله بصوت واحد بفضل تصويت الجمهوريين.