انهيار الدولة أو ازدهارها يتوقف على جودة التعليم ونزاهة المعلم “وتدمير أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى ” فقط يحتاج نشر الجهل ؛ الذي بدوره يؤدي إلى تفشي الفساد وتهميش ذوي الكفاءة في سبيل الرفع بمن لا يستحق .
نص المشرع الليبي على جريمة التزوير في الباب السابع من قانون العقوبات الليبي تحت بند (الجرائم المخلة بالثقة) فهي تمثل اعتداء على المحررات الرسمية المشمولة بالحماية الجنائية ، كما أدرجت الجريمة ضمن جرائم الفساد المنصوص عليها في قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد القانون (11) لسنة (2014) نظرا لخطورة هذا النوع من الجرائم وما تخلفه من آثار ونتائج سلبية على الدولة ككل ، كما تكمن خطورتها في صعوبة اكتشافها فهي ترتكب (مع سبق الإصرار ) .
ما المقصود بجريمة التزوير وهل يعد تغيير درجات الطلاب بعد تسلمها من الأستاذ ضمن جرائم التزوير ؟ وما هي العقوبة المقررة لها في القانون الليبي؟
يعرف التزوير على أنه ” تغيير للحقيقة في بيان جوهري في المحرر تغيراً من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير مع نية استعمال المحرر فيما زور من أجله”.والمحرر الرسمي:هو الذي يختص بتحريره موظف عام بمقتضي وظيفته أو بالتدخل في تحريره على أية صورة و إضفاء صفة الرسمية عليه . حيث أن التزوير قد يكون مادي وذلك بالتحريف أو الكشط وهذا النوع يمكن إثباته ، وقد يكون معنوي وذلك يكون بتغيير الحقيقة أثناء إنشاء المحرر من قبل الموظف نفسه أو من ينتحل صفته ،وإضفاء صفة الرسمية عليه وهو من الصعب إثباته لذلك فهذا النوع من التزوير يمكن إثباته بأي وسيلة إثبات بما فيها شهادة الشهود .
ويندرج التغيير في نتائج الطلاب ضمن جرائم التزوير ذلك أن خطورتها تكمن في استغلال الموظف المسئول عن الدراسة والامتحانات للثقة الممنوحة له ، في تزوير الوثائق والتي ينبغي أن يكون حريصا على صيانتها .وإن كانت عقوبتها تتدرج بحسب خطورة الفعل ، فهو قد استغل صفته وأساء استعمالها حيث أن هناك لوائح محددة منصوص عليها ويجب الخضوع لها بحيث لا يخضع لسلطته التقديرية في رصد الدرجات ، فهذا يعد انتقاص لحق الأستاذ في التقييم السليم ،وإجحاف بحق الطلبة المجتهدين إلى جانب خطورة الفعل .
العقوبة المقررة للتزوير/ يحصل التزوير بأي وسيلة إما تقليد الأختام أو باستخدام الأختام ممن لا يملك الصفة لاستعمالها و لها عقوبات منصوص عليها وتنظمها أحكام المواد (335) (336)من قانون العقوبات الليبي.
(ولكن ما يعنينا في المقال هو التزوير أو التغيير الصادر ممن يملك الصفة في الختم أو التوقيع وإضفاء صفة الرسمية والشرعية على المستند) حيث اعتبر القانون الليبي هذا الفعل جناية وأقر لها عقوبة السجن ، وقد ورد في الفصل الثالث تحت بند (تزوير الوثائق) في المادة ( 341 ) تزوير الموظف العمومي للأوراق العامة والتي تنص ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات كل موظف عمومي يضع أثناء ممارسته لمهامه وثيقة مزورة في كليتها أو جزء منها أو يزور وثيقة صحيحة). والمادة (344) تزوير الشخص العادي للشهادة العمومية (إذا ارتكب الفعل المنصوص عليه في المادة السابقة أحد الأفراد العاديين أو الموظف العمومي خارج مهامه الرسمية ، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات )
والمادة (342 ) (تزوير الموظف العمومي لفحوى الوثائق العمومية) يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة(341) “كل موظف عمومي يقرر كذباً صحة وثيقة مما يدخل تسليمه أو تحريره أو مراقبته ضمن اختصاصه، أو يثبت بيانات لم يدل إليه بها أو أغفل ذكر بيانات أدلى بها إليه أو يحرفها أو يقرر كذباً بأي وجه من الوجوه وقائع تعتمد الوثيقة على صحتها.”
كما يعد هذا السلوك (إساءة استعمال السلطة) بنص المادة (235 ) ،” حيث أن القانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل موظف عمومي يسئ استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير أو الإضرار به وذلك إذا لم ينطبق على فعله نص جنائي آخر في القانون”.إلا أنه في هذه الحالة يطبق النص الأشد ، و هنا يقع عبء المتابعة والمراقبة على الرقابة الإدارية حيث من أهم مهامها متابعة سير العملية الإدارية والكشف عن المخالفات والتحقيق بها إن استلزم الأمر وقد منحها القانون رقم (17) لسنة 2016 . الحق في أن تتولي التحقيق الجنائي بنفسها إذا أسفر التحقيق الإداري عن أي جريمة وإحالتها للمحكمة المختصة خوفا من ضياع الأدلة .
الأمر يستلزم النظر بعين الرعاية والاهتمام إلى قطاع التعليم بشقيه المتوسط والجامعي من أجل خلق كفاءات بشرية قادرة على خلق التطور والإبداع .
بقلم : آمنة الهشيك/ أستاذة قانون