منصة الصباح

‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬‭ ‬على‭ ‬مرمى‭ ‬حجر‭… ‬أية‭ ‬سيناريوهات‭ ‬للأردن؟

الصباح‭-‬وكالات
نشرموقع‭ ‬الحرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مقالا‭ ‬للكاتب‭ ‬الأردني‭ ‬عريب‭ ‬الرنتاوي‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بصفقة‭ ‬القرن‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ـ‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬انتظارها،‭ ‬وتأجّل‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مضمونها‭ ‬المرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تثير‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬المؤيدة‭ ‬والمتحفظة‭.‬
ويرى‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬الأردن،‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ينتظر‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الصفقة‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر،‭ ‬وسط‭ ‬مخاوف‭ ‬عميقة‭ ‬تنتاب‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬الرسمية‭ ‬منها‭ ‬والشعبية،‭ ‬من‭ ‬مغبة‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الصفقة‮»‬‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه،‭ ‬لحلول‭ ‬نهائية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأردن‭ ‬تطاول‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره‭ ‬وهويته‭ ‬الوطنية‭ ‬وكيانيته،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬ضربت‭ ‬حلم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتوقهم‭ ‬للعودة‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭.‬
ويقول‭ ‬الكاتب‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬مرة‭ ‬سابقة،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬بالذات،‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬نجيب‭ ‬على‭ ‬سؤال‭: ‬لماذا‭ ‬يخشى‭ ‬الملك‭ ‬صفقة‭ ‬القرن؟،‭ ‬وقلنا‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬أسبابا‭ ‬رئيسة‭ ‬ثلاثة‭ ‬تعزز‭ ‬خشية‭ ‬الملك‭ ‬وتعمق‭ ‬مخاوف‭ ‬الأردنيين‭ ‬وهي‭:‬
ترك‭ ‬الأردن‭ ‬وحيدا‭ ‬لمعالجة‭ ‬ملف‭ ‬اللجوء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الثقيل،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أملٍ‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬أو‭ ‬التعويض،‭ ‬وإرغامه‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬جنسيته‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها‭…‬
الضغط‭ ‬على‭ ‬الأردن‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة‭ ‬أسميناها‭ ‬‮«‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬‭ ‬للعب‭ ‬دور‭ ‬لا‭ ‬يريده‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬مصائر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬فلسطيني‭ ‬يقيمون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬كيان‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬بكثير،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬ذاتي‭ ‬بقليل‭…‬
انتهاك‭ ‬الرعاية‭ ‬الهاشمية‭ ‬للمقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭.‬
اليوم،‭ ‬وعلى‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬وساعات‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الصفقة،‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬عمان‭ ‬من‭ (‬أو‭ ‬ما‭) ‬يطمئنها‭… ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬اختارت‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وزعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬بصدد‭ ‬الصفقة،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لإبلاغ‭ ‬أي‭ ‬جانب‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬التشاور‭ ‬معه‭ ‬بشأنها،‭ ‬لكأن‭ ‬مخرجات‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬يرعاها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬هي‭ ‬ثمرة‭ ‬مفاوضات‭ ‬أمريكية‭ ‬ـ‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬وليس‭ ‬مفاوضات‭ ‬عربية‭ (‬فلسطينية‭) ‬إسرائيلية‭ ‬برعاية‭ ‬أميركية‭… ‬الجانبان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬بديا‭ ‬مهمشين‭ ‬تماما،‭ ‬إما‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬التحضير‭ ‬للصفقة‭ ‬وإعداد‭ ‬مسوّداتها‭ ‬الأولى،‭ ‬أو‭ ‬عشية‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬صيغتها‭ ‬النهائية‭.‬
الأردنيون،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬منهمكون‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬استطلاع‭ ‬سبل‭ ‬ووسائل‭ ‬التعامل‭ ‬الأردني‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬عند‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭… ‬والسجالات‭ ‬والحوارات‭ ‬بشأنها،‭ ‬تتسم‭ ‬بالانفعال‭ ‬والقلق‭ ‬والتوتر‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحيان‭… ‬ومن‭ ‬يصغي‭ ‬جيدا‭ ‬لما‭ ‬يكتب،‭ ‬وبالأخص‭ ‬لما‭ ‬يقال‭ ‬خلف‭ ‬أبواب‭ ‬الغرف‭ ‬المغلقة،‭ ‬يستطيع‭ ‬تلخيص‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات‭ ‬والبدائل‭ ‬بأربعة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬رئيسة‭:‬
الأول؛‭ ‬ويمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بـ»سيناريو‭ ‬المواجهة‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬تقرر‭ ‬الدولة‭ ‬الأردنية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬وهويتها‭ ‬وكيانها‭ ‬الوطنيين،‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬خيار‭ ‬‮«‬المواجهة‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬يعلن‭ ‬موقف‭ ‬رسمي‭ ‬قاطعٌ‭ ‬في‭ ‬رفضه‭ ‬للصفقة،‭ ‬رافض‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‭ ‬أو‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬تطبيقها‭… ‬محرضا‭ ‬المجتمعين‭ ‬العربي‭ ‬والدولي‭ ‬على‭ ‬رفضها‭ ‬وعدم‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬مراميها‭…‬
مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يبدو‭ ‬شديد‭ ‬الكلفة‭ ‬على‭ ‬الأردن،‭ ‬الذي‭ ‬تتميز‭ ‬علاقته‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بـ»الاعتمادية‭ ‬الكاملة‮»‬‭ ‬بوجود‭ ‬1‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مساعدات‭ ‬أميركية‭ ‬سنوية‭ ‬للأردن،‭ ‬وبوجود‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬‮«‬الاعتمادية‮»‬‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وإصرار‭ ‬الدولة‭ ‬بتوجهاتها‭ ‬الرئيسة‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السرب‭ ‬الأميركي‭ ‬وعدم‭ ‬التحليق‭ ‬خارجه‭ ‬أو‭ ‬بعيدا‭ ‬عنه‭.‬
السيناريو‭ ‬الثاني؛‭ ‬ويمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بـ»سيناريو‭ ‬التكيف‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬تبدأ‭ ‬القيادة‭ ‬الأردنية‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نصف‭ ‬ممتلئ‮»‬‭ ‬من‭ ‬كأس‭ ‬الصفقة‭ ‬الأميركية،‭ ‬لتبني‭ ‬على‭ ‬الشيء‭ ‬مقتضاه،‭ ‬ساعية‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬ما‭ ‬بوسعها‭ ‬من‭ ‬جهد،‭ ‬لتطوير‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬بما‭ ‬يقربها‭ ‬من‭ ‬صيغة‭ ‬من‭ ‬صيغ‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬لـ»حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬مضافا‭ ‬إليه‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬التعويضات،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للاجئين‭ ‬الأفراد،‭ ‬فللدولة‭ ‬المضيفة‭ ‬لهم،‭ ‬وهي‭ ‬هنا‭ ‬الأردن،‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تستضيف‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬والنازحين‭ ‬و»اللاجئين‭ ‬النازحين‮»‬،‭ ‬يشكلون‭ ‬النسبة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬سكانه‭…‬
هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬المرفوض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬غالبية‭ ‬الفاعلين‭ ‬الأردنيين،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬الأقل‭ ‬كلفة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الفوري‭ ‬والقصير‭ ‬الأجل،‭ ‬بيد‭ ‬أنها‭ ‬أكثر‭ ‬السيناريوهات‭ ‬كلفة‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد،‭ ‬طالما‭ ‬أنه‭ ‬يبقي‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحا‭ ‬لانقلابات‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬الأردن،‭ ‬ولمحاولات‭ ‬استدراج‭ ‬الأردن‭ ‬إلى‭ ‬أدوار‭ ‬لا‭ ‬يريدها‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬
السيناريو‭ ‬الثالث؛‭ ‬ويتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال‮»‬‭: ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تمنح‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأضواء‭ ‬الخضراء‭ ‬لسياسات‭ ‬ومشاريع‭ ‬التوسع‭ ‬الاستيطاني،‭ ‬وتدير‭ ‬ظهرها‭ ‬لكل‭ ‬المبادرات‭ ‬الرامية‭ ‬استنقاذ‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬وفقا‭ ‬لمرجعياتها‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مدريد‭ ‬وأوسلو‭…‬
البعض‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬الستاتيكو‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإجراءاتها‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬‮«‬الستاتيكو‮»‬‭ ‬فهي‭ ‬تواصل‭ ‬يوميا‭ ‬تغيير‭ ‬الوقائع‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وتقتطع‭ ‬مساحات‭ ‬منها‭ ‬لصالح‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬
مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬قد‭ ‬يوفر‭ ‬فرصة‭ ‬لصناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬لتأجيل‭ ‬‮«‬لحظة‭ ‬الحقيقة‭ ‬والاستحقاق‮»‬،‭ ‬تأجيل‭ ‬الصدام‭ ‬والمواجهة،‭ ‬وتأجيل‭ ‬التخلي‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬مشروع‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬أية‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭ ‬للمستقبل‭.‬
السيناريو‭ ‬الرابع؛‭ ‬هو‭ ‬سيناريو‭ ‬الانجراف،‭ ‬كأن‭ ‬يجد‭ ‬الأردن‭ ‬نفسه‭ ‬منجرفا‭ ‬إلى‭ ‬أتون‭ ‬من‭ ‬المواجهات‭ ‬الحادة‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين،‭ ‬تتطاير‭ ‬شراراتها‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬الأردني،‭ ‬وتمتد‭ ‬بتأثيراتها‭ ‬لتطاول‭ ‬أمن‭ ‬الأردن‭ ‬واستقراره،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الفجوات‭ ‬القائمة،‭ ‬سواء‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬ومواطنيها‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬الأردني‭ ‬نفسه‭…‬
لا‭ ‬خيارات‭ ‬سهلة‭ ‬أمام‭ ‬صنّاع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الأردن،‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬الأردن‭ ‬مجرد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخيارات،‭ ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬لم‭ ‬يتحسبوا‭ ‬ليوم‭ ‬كهذا،‭ ‬ولم‭ ‬يتخذوا‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬والإجراءات‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقليص‭ ‬اعتمادية‭ ‬الأردن‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬وتعزيز‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة‭ ‬الوطنية‭ ‬ـ‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتنويع‭ ‬علاقاته‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬وعلى‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭…‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬يعيش‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬مناخات‭ ‬تآكل‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬ويطل‭ ‬عليه‭ ‬شبح‭ ‬صفقة‭ ‬القرن،‭ ‬بل‭ ‬ويجري‭ ‬ترجمة‭ ‬مضامينها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أمام‭ ‬ناظرينا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬يتصرف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬تعرض‭ ‬لمفاجأة‭ ‬من‭ ‬عيار‭ ‬ثقيل،‭ ‬أو‭ ‬لكأن‭ ‬الأحداث‭ ‬قد‭ ‬داهمته‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬استعداد‭.‬
من‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقا،‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬سيختار‭ ‬سيناريو‭ ‬‮«‬التكيف‮»‬‭ ‬مع‭ ‬مبادرة‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬وثمة‭ ‬شواهد‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والممارسة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الانتقادات‭ ‬اللاذعة‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬لهذه‭ ‬الصفقة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الأردني،‭ ‬والتحفظات‭ ‬المتكررة‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬تستطبنها‭ ‬تصريحات‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭…‬
‮«‬نظرية‭ ‬نصف‭ ‬الكأس‭ ‬الملآن‮»‬‭ ‬من‭ ‬الصفقة،‭ ‬تحمل‭ ‬معنى‭ ‬التكيف،‭ ‬والتصريحات‭ ‬‮«‬المُضَخِمَةِ‮»‬‭ ‬لأثر‭ ‬المساعدة‭ ‬الأميركية‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين،‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬والشكوى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬يقف‭ ‬وحيدا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة،‭ ‬تبدو‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التحضير‭ ‬لمرحلة‭ ‬تالية،‭ ‬سيجري‭ ‬فيها‭ ‬القول،‭ ‬لقد‭ ‬فعلنا‭ ‬ما‭ ‬بوسعنا،‭ ‬ولا‭ ‬يحمّل‭ ‬الله‭ ‬نفسا‭ ‬إلا‭ ‬وسعها،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬مصالحنا‭ ‬لأن‭ ‬أحدا‭ ‬لن‭ ‬ينتبه‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬يبدي‭ ‬اهتماما‭ ‬بها‭.‬
لا‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأردن‭ ‬ذاهب‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬سيناريو‭ ‬المواجهة‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬بدل‭ ‬تقليص‭ ‬اعتماديته‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬رأينا‭ ‬حكومته‭ ‬تعزز‭ ‬اعتماديته‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصرارها‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬الغاز‮»‬،‭ ‬واستمرار‭ ‬التنسيق‭ ‬الأمني،‭ ‬بل‭ ‬والدعوات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬لاستئناف‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الأردن‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬قادتها‭ ‬بشأن‭ ‬ضم‭ ‬غور‭ ‬الأردن‭ ‬وشمال‭ ‬البحر‭ ‬الميت،‭ ‬وربطها‭ ‬بـ»البازار‭ ‬الانتخابي‮»‬‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وعدم‭ ‬النظر‭ ‬لها‭ ‬بوصفها‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬أولوية‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬الانزياحات‭ ‬صوب‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬والقومي‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬منهجي‭ ‬منظم‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنوات‭ ‬العشرين‭ ‬الفائتة‭.‬
وسيجد‭ ‬الحكم‭ ‬والحكومة‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬في‭ ‬تآكل‭ ‬الحالة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وضعف‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬وتفسخه،‭ ‬‮«‬ظروفا‭ ‬مواتية‮»‬‭ ‬لتمرير‭ ‬‮«‬سيناريو‭ ‬التكيف‮»‬‭ ‬بأقل‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬الشاجبة‭ ‬والمنددة،‭ ‬إذ‭ ‬ليس‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رام‭ ‬الله‭ ‬أو‭ ‬معظم‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭ (‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نقول‭ ‬جميعها‭) ‬بوارد‭ ‬اعتماد‭ ‬سيناريو‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬صفقة‭ ‬القرن،‭ ‬وأقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬انتظاره‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬التصريحات‭ ‬المهددة‭ ‬والمتوعدة‭ ‬ذاتها،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يقرأها‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬يتأثر‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬يحسب‭ ‬حسابها‭

شاهد أيضاً

استعراض مشروع الطريق السريع القطاع الرابع مصراتة راس اجدير

ناقش وكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات مصطفى أحمد سالم مع كل من وكيل وزارة …