منصة الصباح

من مقال لي في الموضوع لم ينشر …

سليمان زوقاري

استخدام التّكنولوجيا في التّرجمة، المسكوت عنه

بحكم تجربتي في التّرجمة المؤسّسية والأدبية والفوريّة لما يتجاوز العشر سنوات وبالحديث مع العديد من الزّملاء، اكتشفت أن العديد من العاملين في انقطاع يلتجؤون اختيارا أم إكراها إلى التّكنولوجيا، تارة للتّقدّم في الترجمة وربح الوقت مع هاجس وقت التّسليم وتارة أخرى لتذليل ما التبس عليهم في اللّغات الأجنبية بترجمتها الكترونيا إلى لغة وسيطة من أجل الفهم والتّدقيق وفكّ اللّبس في النّص لسبر أغوار السّياق واختيار المصطلحات المناسبة.

أما في التّرجمة والأدب عموما كما هو الحال في المجالات الأخرى، هناك دائما طهوريّون وعمليّون. ينبري الأوّلون على إعلاء شأن الأساليب التّقليدية والتمشّي القديم في إنجاز العمل الذي لا يخلو من الهنات فيما يختار الآخرون الخيارات والحلول السّريعة العمليّة لإنجاز المهمّة المطلوبة بنجاعة.

وفي الأدب، هناك من لازال يؤمن بطقوس الكتابة وبالجنّية الملهمة وبالكتابة على الآلة الكاتبة أو التّدوين بقلم الرّصاص أو الأقلام الجافّة وإعداد جذاذات للشّخصيّات ووضع مخطّطات لموضوع الكتابة. وهناك أيضا من يستخدم حاسوبه ويكتب تجريبيّا تاركا الأفكار تتناسل من بعضها البعض تلقائيا بوعي مؤمنا بأن الكتابة جهد عضليّ لا تحتاج إلهاما أو شيئا من القبيل.

في التّرجمة عموما والترجمة الأدبيّة على وجه الخصوص، لا يزال بعض ممتهني هذا المجال يستندون إلى القواميس الورقيّة وكتب المرادفات التي يضعونها أحيانا في موضع القداسة على أنّها ملاذ كلّ مترجم جادّ فيما يوجد مترجمون آخرون يعتمدون على المواقع المتاحة على الخطّ مثل موقع “معاني” الذي يحتوي على العديد من القواميس أحاديّة اللغة والثّنائية التي تمّت رقمنتها إلى جانب ريفيرسو كونتاكست الذي يقدّم ترجمة للمصطلحات في سياق نصّي معيّن من مصادر مختلفة على الانترنيت التي يكون بعضها موثوقا فيها وكالات الأمم المتّحدة وغيرها فيما يكون الآخر غير دقيق وهنا يكمن دور المترجم في التّفريق بين الغثّ والسّمين منها.

يرى معارضو التّكنولوجيا في الأدب والترجمة بأنّها تقدّم نتائج مليئة بالأخطاء أو غير دقيقة في أحسن الأحوال ولذلك يحبّذون عدم التّعويل عليها في أعمالهم، فيما يرى غيرهم بأن تلك المواقع مجرّد وسائل لربح الوقت والتّقليل من الجهد لا تلغي دور المترجم ولا تقدّم له نصوصا نهائية يأخذها كما هي بل تخضع كلّها إلى التّدقيق والتّمحيص والمقارنة والتّجويد لتكون أكثر سلاسة ووفاء لروح النّص المترجم.

شاهد أيضاً

قرار فرض الضريبة على النقد الأجنبي، ما بني على باطل فهو باطل ….

بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون. صدر حكم محكمة الخمس الابتدائية بتاريخ (29/4/ 2024) …