منصة الصباح

مغالطات‭ … ‬مغالطات

زايد‭..‬ناقص

بقلم /جمعة‭ ‬بوكليب

حين‭ ‬أنتقل‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬بن‭ ‬سعيد،‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله،‭ ‬بعد‭ ‬خمسين‭ ‬عاما‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬سلطنة‭ ‬عُمان،‭ ‬هاجت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الليبية‭ ‬بالنقاش‭ ‬والأحاديث‭ ‬حول‭ ‬فترة‭ ‬حكمه،‭ ‬وما‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬انجازه‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬تركه‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬وفساد‭ ‬بعد‭ ‬أثنين‭ ‬وأربعين‭ ‬عاماً‭. ‬ما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬أن‭  ‬النقاشات‭ ‬لم‭ ‬تخلوا‭ ‬من‭ ‬مغالطات‭.‬
أولى‭ ‬تلك‭ ‬المغالطات،‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬السلطان‭ ‬المتوفي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬انقلاب‭ ‬أبيض‭ ‬على‭ ‬أبيه‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬تيمور‭. ‬المغالطة‭ ‬الأخرى‭ ‬عدم‭ ‬التعرض‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬بدايه‭ ‬عهده‭ ‬من‭ ‬قمع‭ ‬وقتل‭ ‬وتنكيل‭ ‬في‭ ‬محاولته‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬ثورة‭  ‬أقليم‭ ‬ظفار‭ ‬التي‭ ‬انبثقت‭ ‬ضده‭ ‬،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‭ ‬بمساعدة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وتدخل‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬شاه‭ ‬ايران‭.‬
في‭ ‬عدد‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬صنداي‭ ‬تايمز‭ ‬‮«‬‭ ‬،‭ ‬قرأتُ‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬الذين‭ ‬قادوا‭ ‬الانقلاب‭ ‬ضد‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬تيمور‭. ‬الضابط‭  ‬كان‭ ‬برتبة‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬واسمه‭ ‬ري‭ ‬كين‭ ‬–‭ ‬Ray Kane‭ ‬وكان‭ ‬يبلغ‭ ‬آنذاك‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬25‭ ‬عاماً‭. ‬ويعمل‭ ‬في‭ ‬كتيبة‭ ‬الصحراء‭ ‬التابعة‭ ‬للجيش‭ ‬العماني‭. ‬
يقول‭ ‬الضابط‭ ‬السابق‭ ‬كين‭ ‬إن‭ ‬الانقلاب‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬يوليو‭ ‬1970‭ ‬في‭ ‬سلطنةعُمان‭ ‬ضد‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬انقلاب‭ ‬ينفذه‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬انقلاباً‭ ‬أبيض‭ ‬كما‭ ‬يُزعم‭. ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬متمركزاً‭ ‬مع‭ ‬كتيبته‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬صلاله،‭ ‬حين‭ ‬وصلتهم‭ ‬الأوامر‭ ‬من‭ ‬قابوس‭ ‬ابن‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬قصر‭ ‬الحصن،‭ ‬واعتقال‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬تيمور‭. ‬ويضيف‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬بالتحرك‭ ‬تطلب‭ ‬منهم‭ ‬تجميع‭ ‬30‭ ‬جندياً‭ ‬عُمانياً‭ ‬وباكستانياً‭ ‬تقريباً‭. ‬كان‭ ‬جيش‭ ‬السلطنة‭ ‬يضم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الباكستانيين‭ ‬البلوش‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬بلوشستان‭. ‬وتم‭ ‬ابلاغهم‭ ‬بالمهمة‭ ‬الموكلة‭ ‬للكتيبة،‭ ‬والتحرك‭ ‬نحو‭ ‬القصر‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أربعة‭ ‬أميال‭ ‬من‭ ‬المعسكر‭. ‬وانضم‭ ‬اليهم،‭ ‬كذلك،‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬العرب‭ ‬بغرض‭ ‬التمويه،‭  ‬واخفاء‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬منفذي‭ ‬الانقلاب‭ ‬جنود‭ ‬بريطانيون‭.‬
يقول‭ ‬الضابط‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬القوة‭ ‬المهاجمة‭ ‬بلغ‭ ‬حوال‭ ‬140‭ ‬جندياً‭ ‬تمكنوا‭ ‬،‭ ‬نتيجة‭ ‬عاملي‭ ‬السرعة‭ ‬والمفاجأة،‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬الحرس‭ ‬السلطاني‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬قرابة‭ ‬900‭ ‬جندي‭. ‬وأنهم‭ ‬،‭ ‬لحسن‭ ‬الحظ،‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬الحصن‭ ‬من‭ ‬بوابته‭ ‬دون‭ ‬قتال‭. ‬لكن‭ ‬القتال‭ ‬نشب‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الحصن‭ ‬بقيادة‭ ‬السلطان‭ ‬تيمور‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحرس‭ ‬الخاص‭ ‬لمقاومة‭ ‬المهاجمين‭. ‬ويضيف‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬استغرقت‭ ‬قرابة‭ ‬ساعة،‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬عرض‭ ‬قائد‭ ‬الكتيبة‭ ‬على‭ ‬السلطان‭ ‬تيمور‭ ‬الاستسلام‭ ‬،‭ ‬فرد‭ ‬السلطان‭ ‬بلغة‭ ‬انجليزية‭ ‬فصيحة‭ ‬رافضاً‭ ‬العرض،‭ ‬ومقرراً‭ ‬مواصلة‭ ‬المقاومة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬آمر‭ ‬الكتيبة‭ ‬البريطاني‭ ‬أقنعه‭ ‬بعدم‭ ‬جدوى‭ ‬المقاومة،‭ ‬ووعده‭ ‬بحسن‭ ‬المعاملة‭ ‬له‭ ‬ولمن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬حرس‭. ‬فوافق‭ ‬السلطان‭ ‬على‭ ‬التسليم،‭ ‬ودخل‭ ‬الضباط‭ ‬البريطانيون‭ ‬إلى‭ ‬القاعة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬متمترساً‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬حرسه،‭ ‬حيث‭ ‬وجدوه‭ ‬مرتدياً‭ ‬جلابية‭ ‬ملطخة‭ ‬بدماء‭ ‬جروحه،‭ ‬كما‭ ‬وجدوا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬القتلى،‭ ‬وكثيرا‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭. ‬عقبها‭ ‬تم‭ ‬تضميد‭ ‬جروح‭ ‬السلطان‭ ‬سعيد‭.  ‬لكنه‭ ‬رفض‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬بتنازله‭ ‬على‭ ‬الحكم‭. ‬إلا‭ ‬ّ‭ ‬أنه‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬من‭ ‬آمر‭ ‬الكتيبة‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬التوقيع‭. ‬بعدها‭ ‬أحاط‭ ‬به‭ ‬جنديان‭ ‬ورفعوه‭ ‬عن‭ ‬الأرض،‭ ‬ووضعوه‭ ‬على‭ ‬حمالة‭ ‬لنقله‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭. ‬
عقب‭ ‬نجاج‭ ‬الانقلاب،‭ ‬واستتباب‭ ‬الأمر‭ ‬لقابوس،‭  ‬غادر‭ ‬السلطان‭ ‬تيمور‭ ‬عُمان‭ ‬قاصداً‭ ‬لندن‭. ‬وأقام‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬دورشستر‭ ‬الفخم‭ ‬لمدة‭ ‬سنتين،‭ ‬حيث‭ ‬توفي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬ودفن‭ ‬جثمانه‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬اسلامية‭ ‬بمنطقة‭ ‬‮«‬ووكينج‭ ‬‮«‬‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رفاته‭ ‬نقل‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬بلده‭ ‬عُمان،‭ ‬وأعيد‭ ‬دفنه‭ ‬هناك‭

شاهد أيضاً

موسى يؤكد ضرورة سرعة ودقة إدخال بيانات الحجاج للمنظومة الإلكترونية

أكد منسق المنطقة الوسطى أ (مصراتة – زليتن – الخمس – مسلاتة) علي محمد موسى …