منصة الصباح

مدرسة

براح

بقلم /محمود البوسيفي
في حنق طفولي باغتني حفيدي الصغير بسؤال مفخخ، اعترف بأنني تلعثمت وأنا احاول العثور على أجابة مقنعة له وبأقل قدر من الكلمات.. قال وهو يقطب حاجبيه ويكور قبضته ويزفر:
_ من هو يا جدي اللي دار المدرسة.. وعلاش! ؟.
لم يهدأ غضبه كثيرا وأنا أحاول شرح الفرق بين العلم والجهل، وكيف أن الله عز وجل يحرضنا في القرآن الكريم على طلب العلم، وكيف تطورت فكرة التعليم، لكنه هدأ تماما وهو ينجح في انتزاع ( الريموت كنترول) من شقيقه وتحول القناة إلى الرسوم المتحركة.
مشفق أنا في واقع الأمر على وزير ووزارة التعليم من وطأة المهمة في الإجابة عن سؤال إلى أي مدى وصل سؤ التعليم العام.. وما هي المعالجات المقترحة لوقف التدهور أولا تمهيدا لإعادة مؤشر الجدوى إلى الاتجاه الصحيح. ادرك جسامة الأمر وثقل المسؤولية، مثلما ادرك فداحة تجاهل الأزمة واللجؤ الى خيار تجميد الوقت، رغم ان هذا الزمن تتلاحق فيه الدول بسرعة الضؤ.
ولابد لنا والمجتمع يتحول إلى خيارات جديدة من الدهشة لتقاعس المصارف والمؤسسات الاقتصادية الكبرى وغيرها عن دعم التعليم العام وذلك برعاية ورش عمل جادة، وندوات منتجة، وتمويل بحوث ودراسات علمية تساعد في صياغة مفردات جديدة لهذا القطاع الحيوي.
كيف يتم بناء المعلم!؟ وكيف يتم اختياره من الأساس..!؟ وكيف يتم تأهيله!؟ وكيف يتم استثماره عمليا بالعناية المادية والمعنوية، وتوفير متطلبات دعم قدراته التعليمية ضمانا للأستثمار!؟ وكيف يتم إعداد المناهج!؟ وبأي منطق في فهم تزاحم منافذ المعرفة على عقل التلميذ والطالب!؟ وكيف يتم اختيار من يتولى إعداد المناهج التي لا تعتمد التلقين!؟ كيف يتم التخلص من الحشو!؟ وكيف تنتقل المناهج إلى مرحلة مخاطبة خلايا التفكير والتحليل وتحفيزها..! ؟.
يمكن للمدرسة.. _ وهي على أية حال وظيفتها الحقيقية _ تأثيث عقل الطالب بعلوم مفيدة تساعده على المساهمة في تنمية مجتمعه، وبناء حياة جديدة مطمئنة، يمكنها ان ترسم بريشة الجدوى حدائق ومسارح وبساتين وفواكه وملاعب وافاق تشتعل بالنور.. بالضبط مثلما يمكنها وهو ما يحدث في واقع الأمر ( للأسف المرير) أن تحشر في عقله كراكيب والغازا ومرارة وكرنافا…
كيف يمكن فهم ان تعد طالبا ناجحا دون أن تعلمه متعة القراءة ( المكتبة) ورهافة الاحساس ( الموسيقا والشعر) و الاعتزاز بالهوية ( اللغة) ولغة الجسد ( الرياضة).. وان تطرز ذلك بافساح المجال للنشاطات في هذه الحقول بالمهرجانات والمسابقات التنافسية..
كيف نلغي عار ان يجهل الخريج الجامعي لغته الأم.. كيف نلغي تشويش ذاكرته.. كيف نمحو اميته في التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء.. كيف نتحمل ان نرى خريجا لم يدرس فن الخط العربي او يجهل مبادئ الموسيقا وخلط الألوان..
ان كان كائنا ” خاصة في هذا العصر” تعوزه الذائقة الأدبية والفنية لن يكون سوى كثلة من العقد وهو بالتالي لن يكون نافعا..
ولابد ان نتعرف على الطريقة التي يحب بها أطفالنا مدارسهم

شاهد أيضاً

المصرف المركزي يشكل فريق لزيادة التوسع في استخدام وسائل الدفع الالكتروني

    اجتمع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير اليوم الاثنين بمكتبه مع مدراء عامون …