ماريا .. صانعة البهجة
فتحية الجديدي
امرأة مختلفة ارتبطت روحها بالسحب وعانقتها عبر نافذتها الصغيرة .. ابتسامتها تختزل عوالم متعددة صنعتها تجربتها بروح متفردة عن ما نشاهده في ممرات الطائرات.
هي أكثر من مجرد مضيفة طيران، اختارتها أحد الشركات الخطوط الجوية لتكون ضمن فريقها المحلق في فضاءات عدة، تصحب معها تفاصيل وملامح بلادها، حدثني عن المعايير فكان لطفها معيارًا إضافيا لقبولها منذ سنوات عملها، وتكلمت عن اطلاعها على ثقافات مختلفة وحددتها بجغرافية القارة التي كانت جزءاً من حكاياتها لأنها طموحة وقادرة أن تكون اسمًا في عالم الطيران.
أنثى تجسد قيمة مضافة للنساء اللواتي سبقنها في مهنة الضيافة الجوية، منحتها لباقتها مسحة أخرى، ورغم صداقتي القريبة منها والتي لم تتعد بضع لقاءات وتفاعلات «فيسبوكي»، وجدت فيها فتاة متخلصة من العقد المجتمعية البالية والأفكار المتخلفة والسلبية المتطرفة، ونجاحها لم يؤهلها لكسب رصيد مهني وحسب، بل في زيادة قائمة صداقاتها ومعارفها نظرًا لاهتمامها بالفنون والثقافة، حيث نجدها في أروقة المعارض تتخذ ركنًا تضفي عليه بهجة أنثوية وقوة في فكرها وبساطة في تناولها ليومياتها على « السوشيال ميديا»
أردت أن تكون محور ليلتنا في الاقتراب منها و»نكشها» وهي تكشف حشريتنا لها عندما كنا محملين بأسئلة متعددة فرددت « هكذا أنت الصحافة » وأعربت عن انزعاجها من المقابلات التلفزيونية التي تطرح «سكربت « متكرر ، من خلال أسئلة رجعية وضعتها في دائرة ضعيفة حيال علاقة المجتمع بالمضيفة والنظرة القاصرة للمهنة، معربة عن ازدرائها للتقييم الباهت للمرأة، لاسيما وأنها – أي المرأة- تملك من المقومات ما يجعلها في قوائم متقدمة في مجالات العمل، ضاربة أمثلة بنظيراتها في مجالات أخرى بعد أن تجاوز المجتمع الكثير من التخلف، وهي تعبر بإصرار عن كيفية اختراق النساء عوالم شتى كونهن المتعلمات والمثقفات والواعيات لأدوارهن والمانحات صورة صحيحة عن نصف المجتمع المؤنث.
ماريا .. اسم تكرر حضورًا وبرز أهمية بما تملكه هذه السيدة من طبيعة جاذبة لا تتعدى التكلَف، وصوت لا يقفز على الآخرين بل يحترم الأصوات الأخرى، هي صديقة البهجة بهدوئها ولباقتها تلفت الأنظار وببساطها تأخذك لها بصمت، وبلغتها تجدها تبتسم لك، ها هي مضيفتنا الرائعة.