منصة الصباح
محمد الهادي الجزيري
محمد الهادي الجزيري

لن ننسى…

لن ننسى…

محمد الهادي الجزيري

 افعلوا الأفاعيل فالعدّاد شغّال ..

أقسم بالغيظ الشديد إنّ ذاكرتنا الجماعية تسجّل كلّ جرم بعناية فائقة ..غير مسبوقة ..فجنّوا يا أولاد الشيطان ..وهدّموا كلّ شيء ..بدءا بالإنسان معجزة الله ..، وثقوا أنّنا بالمرصاد لأيّ فعلة تصدر منكم ..، سنسجّل الحركات والأفعال والتمتمات ..والنيات التي تنوون القيام بها ..، سنحاسبكم في يوم القيامة الأرضية ..، أنتم ترونه بعيدا ومستحلا ..ونحن نراه قريبا جدّا يا أبالسة الجنس الإنساني ..

وإليكم قائمة أولى لما سجلناه ووثقناه في الذاكرة المرئية الخالدة:

ـ أيدي الأطفال اللينة وأرجلهم كذلك ..مكتوب عليها أسماءهم لكي يعرف الناس من مات منهم ..وهم نيام حالمون بكأس ماء نظيف ..وهوى عليهم حقدكم وجبنكم ..فارتقوا إلى ربهم مشتكين إلى الله من انتمائهم لجنس فيه أمثالكم ..

ـ صورة الصحفي على المباشر ..يقطع تسلسل الكلام ..ويبكي على نفسه ..وعلى العالم المتوحش ( الحرّ ) ..وينزع مظلته وبدلته الصحفية ..ويجهش بالبكاء

ـ ثمّة صحفي آخر ..ظلمتموه حين قتلتم أحبائه وقرة عينه ..وهو وائل الدحدوح .. الذي لخّص لكم كلّ شيء بأن قال : معلش ..وسوف تترجمها أجيال متعاقبة بأشدّ العبارات والأفعال والمواقف ..يا ويلكم …….

ـ الطريق الساحلي ..قرب البحر والقافلة المريضة الجريحة ..تسقط عليها مرضكم القاتل فينتشر الأجساد على اسفلت الطريق ..في مشهد شاهد على شغفكم بالدم ..أشلاء موزّعة ومفرقة على مرأى الشعوب المتشدقة بالحرية والديمقراطية ..طز طز طز …..

 ـ نساء ..يرقبن السماء ..ويلقمن النار بحطب ..كان قبل القصف خشب البيوت ..، يصنعن به أرغفة لبطون ضامرة ..، تلك هي المرأة الفلسطينية المقاومة ..، تضغط على الجرح وتقوم لتعدّ الخبز وما تيسر من أكل لأطفالها وللمقاومين ..، الله أكبر ..لم أر نساء يخبزن أرغفة الخبز بالدم إلاّ الآن ..، هذا ليس شعرا ..نعم اختلط الدم بالخبز ولا حول ولا قوة إلا بالله ………

ـ أب يحمل نصف ابنته ويصيح ..، يقول كلاما مبهما ..، يا ويلكم من آلاف الآباء مثل هذا المتعفّر بالتراب ..، الواضحة طريقه وضوح الثأر ..، يا ويلكم منه ..أين ستختفون في جوف دبابة أو في طائرة نفاثة ..، سيأتي اليوم الذي يواجهكم فيه : وجها لوجه ..أخشى أن أقول إنّ زمن التوحش الضاري قد افتتحتموه ..بفظائع غزة ..والله شاهد على ما أقول …

ـ البنات الجميلات الرقيقات ..يبكين كما لم يبكين من قبل ، هنّ خائفات ومذعورات من السماء المفتوحة على القنابل الفوسفورية الحارقة ..، إلى أين الفرار ..ولا مهرب لهنّ إلا تنورات أمهاتهنّ ..الحائرات في قدرهنّ القاسي ..، البنات إن نجين من المحرقة ..سيلقن أبناءهنّ الدرس: لا عيش ما دام الكيان الصهيوني في الوجود …

هذا القليل القليل ..ممّا سجلناه ..ووثقناه بالصورة والصوت ..، ومهّدنا له بأشعار كثيرة من ضمنها هذا المقطع كتوصية للأجيال القادمة والمتعاقبة:

    اهدأ اهدأ

ماذا؟

دمك الوثنيّ يُراق ولحمك يُنهش في كلّ مكانْ

لا بأس،

عليك فقط بالعدّْ

وغدا، حين تطول اليدْ

كلّ شهيد أشعل في ذكراه بلدْ

شاهد أيضاً

لغة السنغال… ليست عربية

 بقلم: د. علي عاشور السنغال دولة أفريقية مسلمة، ومستعمرة فرنسية سابقة، يبلغ عدد سكانها أكثر …