منصة الصباح

الحدادُ يليق بريال مدريد

جمعة بوكليب

زايد ..ناقص

الحدادُ يليق بريال مدريد

مساء الاربعاء الماضي، قبل انتهاء مباراة فريقي مانشستر سيتي وريال مدريد، في مرحلة نصف النهائي من بطولة كاس أبطال أوروبا، شعرتُ بشيء من آسى وحزن، وأنا أتابع مجريات اللعب.

وفكرتُ في أصدقائي من مشجعي فريق ريال مدريد، سواء من كانوا منهم في أسبانيا، أو في بريطانيا، أوفي ليبيا، أوفي غيرها من بلدان العالم، وتداعيات النكسة التي حلّت بهم فجأة، والمآتم التي سيقيمونها عقب المباراة. ولم يكن بالإمكان الاتصال بهم هاتفياً، في تلك الساعة من الليل، وتقديم واجب العزاء، لأنهم كُثر. ولوفعلت ذلك، لكنتُ قضيتُ تلك الليلة حتى الصباح وأنا أتنقل، من واحد لآخر، معبّراً عن أسفي لما حل بفريقهم من هزيمة ماحقة. وبدلاً من ذلك، فكرت في كتابة ونشر ومقالة صغيرة، أقدم فيها التعاطف، وأتمنّى مخلصاً لفريقهم حظّا أفضل في العام القادم.

وأنا وإن لم أكن من مشجعي فريق مانشستر سيتي إلا أني، مثل ملايين غيري، أحترم تاريخ نادٍ عريق مثل فريق ريال مدريد، وأحبُّ مشاهدة مباراياته. ومساء يوم الاربعاء الماضي، كنت حريصاً على مشاهدتهم، وهم يقابلون فريق مانشستر سيتي. وبالطبع، كنتُ أمنّي نفسي بمشاهدة مباراة استثنائية من حيث اللعب والتنافس. وأعترف أن المباراة كانت اسثنائية، لكن بشكل معاكس.حيث تبين بجلاء، أن لاعبي فريق مانشسترسيتي كان يلعبون ضد أشباح، نال منها التعب والارهاق.

والذين منّا شاهدوا المباراة على شاشات التلفزيونات، لابد وأن أحسّوا بمثل ما أحسست به من مشاعر محزنة ومؤسفة، وباعثة على الآسى. كان لاعبو فريق مانشستر سيتي يتناقلون بينهم الكرة بأناقة ورشاقة وفنّ، وتحوّل لاعبو الفريق الملكي إلى متفرجين مثلي، وكأنهم لم يلمسوا كرةً بأقدامهم من قبل، في مباراة يشاهدها الملايين من محبي المستديرة في جميع أنحاء العالم.

وسائل التواصل الاجتماعي شهدتْ انسحاباً مخجلاً لأنصار ومشجعي فريق ريال مدريد، وكأنهم، ياسبحان الله، فص ملح وذاب في كأس ماء. وغيابهم عنها أتاح فرصة ذهبية لخصومهم ليصولوا ويجولوا ساخرين، وكأني بهم ينتقمون شماتة من مشجعي الفريق الملكي. وكان أولى بهم تذكر المقولة التي تقول:” ارحموا عزيز قوم ذل.” لكن هيهات، إذ من منهم لديه الوقت، تلك الساعات، ليتذكرها.

والحقيقة هي أن فريق مانشستر سيتي وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا بكفاءة وجدارة واستحقاق، ومن المحتمل جداً أن يفعلها، هذه المرّة، ويفوز بالبطولة، إذا نجا من سوء الحظ الذي رافقه في السابق. وأنا، في الحقيقة لا يهمني الأمر من بعيد ولا قريب. وما همّني هو أمرأصدقائي من مشجعي فريق ريال مدريد، والنكسة الكروية التي حلت بهم مساء ذلك الاربعاء المشهود. وما يمكنني فعله، تعاطفاً، هو محاولة جبر ما أنكسر شظايا من معنوياتهم، وتذكيرهم بأن هذا حال الدنيا: يوم فوق وعشرة تحت. وهذا أيضاً لا يمنعني من الاعتراف بأني سُعدت بخسارة فريقهم، وسُعدت أكثر باختفائهم من صفحات التواصل الاجتماعي. والسبب هو أنهم، في السابق، نسوا حقيقة أن الكرة مستديرة، ولا يستقيم لها حال. وأن تبجحهم بفوز فريقهم في الماضي بكأس أبطال أوروبا 14 مرة، يجب ألا ينسيهم الحقيقة، التي شاهدها الملايين من عشاق كرة القدم في العالم، وهي أن فريق ريال مدريد الحالي، بكامل لاعبيه، مات وصلى عليه الحوت. وأنهم ما عاشوا، لن يستطيعوا مطلقاً نسيان ما أنزله ” السيتييون” بفريقهم من مذلة، في واقعة مشهودة، ذات اربعاء في شهر مايو 2023، باستاد الاتحاد، بمدينة مانشسترالانجليزية.

شاهد أيضاً

عيد الوحدة الوطنية

مفتاح قناو في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي كنا طلابا في المدارس الابتدائية، وكان …