منصة الصباح

امرأة وثمانية كلاب

امرأة وثمانية كلاب

بقلم/ عبد الرزاق الداهش

امرأة جزائرية بحكم القانون، وأب عن جد. أما بحكم القلب، والماء والملح فهي ليبية، وحب عن حب.

كانت واحدة من آلاف المعلمات، والمعلمين العرب الذين جرى استقدامهم، للتدريس في ليبيا خلال سبعينيات القرن الماضي.

كان للسيدة الجزائرية بيتين، الأول هو المنزل الذي تسكنه. أما الثاني فهو الذي يسكنها، اقصد المدرسة.

كانت مربية فاضلة لها ولد وبنت يعيشان معها في منزلها، وعشرات من الأبناء، والبنات كانت تعيش لهم في المدرسة.

تعمل بكامل قواه القلبية، ولم تدخر حتى نصف حبة عرق، أو نصف دقيقة، على ولديها في المنزل، وباقي أولادها في المدرسة.

كان الزمن يتسرب في غفلة منها علىً شاطئ تعلقها ببلدها الأول مكرر ليبيا.

البنت والولد يكبران، واجيال من الدارسين يصعدون السلم التعليمي على اكتاف حبها في مدينة صبراته الجميلة.

جاءت الصدمة الأولى عندما تم الاستغناء عن خدماتها، وحتى عن حبها، ليركلها ما يعرف بتلييب التعليم خارج بيتها الثاني.

أما في بيتها الأول فقد غادرها ولديها، لتبقى وحيدة تقيم أخر حفل تأبين لفقيد اسمه الوفاء.

حاولت ان تتكيف مع انكساراتها، فقدت اخر مدخراتها، ولم تجد سوى الكلاب تستقوي بهم على غربتها الموحشة،
اخذت تربي عددا من الكلاب، فهم لن يستغنون عنها، ولن يتركونها وحيدة مضرجة بحزنها في مقبرة الوفاء.

مرت الأعوام، ومرت الحروب، ومرت كورونا، والسيدة تعيش بين كلابها، الذين صاروا اولادها، تأكل ما يأكلون، وتشرب ما يشربون، وترقد علىًما يرقدون.

احدودب ظهر المرأة، وهي تجمع طعامها، من صناديق القمامة، الذي تتقاسمه مع كلابها الثمانية.

قصة حقيقية، والسيدة موجودة، والكلاب موجودة، والمأساة موجودة، وزارة الشؤون الاجتماعية فقط غائبة.

شاهد أيضاً

كيف صارت ليبيا مغسلة أموال؟

  عبدالرزاق الداهش كتلة السيولة التي تلف وتدور بين “براويط” سوق المشير، والخزائن المنزلية، وتحت …