منصة الصباح

المرقب ومعارك أكتوبر

مفتاح قناو

تمر بنا هذه الأيام ذكرى شهر أكتوبر وهو شهر المعارك الهامة في التاريخ الوطني الليبي، عند بداية الغزو الايطالي، فيه خاض الشعب أشرس معارك الجهاد على امتداد الساحل الليبي حيث هاجم العدو الايطالي المدن الساحلية، فوقعت معارك الشط وألهاني في طرابلس، ومعركة جليانا في بنغازي، ومعركة درنة، ومعركة المرقب في مدينة الخمس، وهي المعارك الكبرى في بداية الغزو.

في 17 أكتوبر 1911م وصلت السفن الحربية الإيطالية إلى شواطئ مدينة الخمس وقامت بمحاصرة المدينة، ووجهت إنذارا للحامية العثمانية بتسليم المدينة، وحددت الساعة الواحدة من ظهر ذلك اليوم موعدا لنهاية الإنذار، ثم بدأت البارجة (فــاريسـي) بقصف المدينة، فقصفت مقر الحامية، وتجمعات المجاهدين الوافدة من ضواحي المدينة، واستمر القصف أربعة أيام دون توقف ولم يستطع الطليان النزول حتى يوم 21 أكتوبر، وقد انسحبت الحامية العسكرية يرافقها المجاهدون إلى الجبال والهضاب المحيطة بالمدينة وأهمها جبل المرقب .

في تلك الليلة الفاصلة بين يوم 20 و 21 أكتوبر كان (خليل بك) قائد حامية الخمس يراقب سفن الأسطول بمنظاره من فوق جبل المرقب رفقة عدد من الجنود وأعداد أخرى من المجاهدين لانه كان يتوقع نزول الطليان إلى البر تلك الليلة.

دخل خليل بك إلى ( القشلة ) الخاصة باستراحة المحاربين في الجيش العثماني والمنصوبة فوق الجبل ليستريح بعد أن اصدر أمره لجنوده بضرورة إيقاظه لو أنهم شاهدوا إضاءة تنويرية من البوارج الحربية، لأنه يعرف أن الجنود الطليان يحتاجون للإضاءة أثناء عملية الإنزال، ومع اقتراب الفجر شاهد جنود الحامية إضاءة تلمع في السماء تشبه البرق.

لم يوقظ الجنود قائدهم في المرة الأولى، لكنهم فعلوا ذلك في المرة الثانية، ووقف الجميع ينتظرون، كانت لمعة الإضاءة الثالثة أطول من سابقاتها، وشاهدوا ــ وهم فوق قمة الجبل ــ الجنود الطليان يهبطون على اليابسة يزحفون كالنمل، ليسيطروا على وسط المدينة مع منتصف النهار.

الانسحاب التكتيكي للحامية العثمانية والمجاهدين أعطى نتيجة خادعة للطليان اعتقدوا أنهم قد استولوا على المدينة، لكنهم بقوا تحت الحصار، ثم تحركوا  لفك الحصار وللاستيلاء على جبل المرقب وقصفت البارجة الحربية (ماركو بولو) من البحر تحصينات المجاهدين فوق الجبال المحيطة، فاضطر القائد العثماني (خليل بك) للانسحاب من المرقب بعد مقاومة عنيفة ، احتلته القوات الايطالية، وبقت فيه ساعات ثم تركت جزءاً من القوات لتأمين المكان وعادت الباقي إلى مدينة الخمس .

لاحظ (خليل بك) ضعف القوة التي تركها الايطاليون فوق الجبل، فنظم قواته وهاجم الجبل وقضى على القوات الايطالية الموجودة به واستعاد السيطرة عليه.

ودون انتباه من القائد العثماني أندفع أحد المجاهدين غير النظاميين ليكسر السارية التي رُفع عليها العلم الايطالي، بينما كان الضابط العثماني يصيح فيه بأن يترك العلم حتى لا ينتبه العدو.

لاحظت البوارج الحربية الايطالية في ميناء المدينة سقوط العلم الايطالي فوق جبل المرقب، فعاودت قصف الجبل بكثافة نيران غير مسبوقة، وحاول (الميجر ماجوتو) إعادة احتلال الجبل لكن نشوة النصر التي حققه المجاهدون مكنتهم من الاستماتة في الدفاع عن الجبل وهزيمة القوات الايطالية في معركة استمرت طوال اليوم، واضطر القائد الايطالي إلى سحب ما تبقى من قواته و الانكماش داخل مدينة الخمس حتى تصله الإمدادات من الجنرال كانيفا في طرابلس.

شاهد أيضاً

وفد صندوق دعم الإعلاميين يزور عميد المصورين محمد كرازة

زار وفد من صندوق دعم الإعلاميين مساء اليوم الخميس، منزل عميد المصورين الليبيين الصحفي محمد …