بقلم / جمال الزائدي
مع أن ما تركه المسلمون ” عرب وأمازيغ ” في قرطبة واشبيلية وغرناطة وسائر مدائن الأندلس ، من أوابد ومعمار وحدائق غناء أضعاف أضعاف ما بناه الفاشستي إيتالو بالبو في طرابلس أو بنغازي ، إلا أننا – ومع الاحتفاظ بالفارق في القياس الحضاري والأخلاقي- لم نقرأ أو نسمع طوال قرون من جلاء المسلمين عن تلك البلاد الجميلة أن مواطنا إسبانيا واحدا تجرد من الحياء والاعتزاز الوطني ثم تجرأ على اقتراح إسم عبد الرحمن الداخل أو موسى بن نصير أو طارق بن زياد أو المعتمد بن عباد أو حتى ولادة بنت المستكفي..كرمز وطني من رموز الهوية الإسبانية..
اما في ليبيا فقد تعالت أصوات منكرة منذ سنوات بعضها عن جهالة وحسن نية وبعضها عن وعي وخبث طوية تطالب بين الجد والهزل بترسيم المارشال بالبو حاكم الشاطيء الرابع لايطاليا رمزا وطنيا في ليبيا عرفانا بما خلفه من حجارة وجدران ومقابر ..
وتتناسى تلك الأصوات الجاهلة والخبيثة على حد سواء ، ان ما عمرته وشيدته الشركة الفاشية للهندسة والمقاولات العامة لم يكن لسواد عيون الليبيين العراة الحفاة الذين كانوا يعيشون في اكواخ الصفيح وبيوت الطين ” ضرب الباب” بل لتسهيل وتجويد حياة المعمرين من الطليان والسيشليان وموظفي الإدارة الاستعمارية ..
لكن هؤلاء لا تعنيهم هذه الحقيقة الحارقة كشمس الظهيرة في صحراء بلادنا ، فتمجيدهم للاستعمار لا يحتاج إلى منطق عقلاني أو مبرر أخلاقي حتى وان كان فى ذلك اهانة لدماء مئات الآلاف من الشهداء الذين قضوا على يد الآلة الإيطالية العسكرية الفتاكة وحتى ان كان في ذلك استخفاف بجهاد وتضحيات احمد الشريف وسعدون ورمضان السويحلي وعبد النبي بلخير وسليمان الباروني وخليفة بن عسكر ..
ان هؤلاء حين تحدثهم عن فظائع معتقل العقيلة الشهير وعن آلاف الأطفال والنساء والشباب الذين تم نفيهم إلى الجزر المتوسطية غير المأهولة .. أو تحدثهم عن عائلة ماطوس في مصراتة التي أفناها جيش ايطاليا المتحضرة عن بكرة أبيها ..سييحدثونك عن جمال الاعمدة والأقواس في مقهى الاورورا بميدان الكاتدرائية ” ميدان الجزائر حاليا ” ..وعن روعة التصميم في قصر الحاكم أو قصر الخلد أو الشعب لاحقا ، بمنطقة الظهرة.. إنهم ببساطة يعانون من “حول ” أخلاقي ..وهم على الأغلب مصابون بفيروس العوز الوطني .. اللهم عافنا واعفوا عنا ..