منصة الصباح

مقدمة ترجمة “صناعة محلية”*

مقدمة ترجمة “صناعة محلية”*
بثلم /عمر أبو القاسم الككلي

إنه لمن دواعي غبطتي الفياضة أن يصدر كتاب لي باللغة الفرنسية. وبهذه المناسبة أحب أن أبدأ هذه المقدمة بتوجيه خالص شكري إلى السيدين إدغار فبير وميشيل كوتو، اللذين تفضلا بالترجمة، وإلى الذين رعوا هذا المشروع. كما أحب أن أشكر السيد كريم الحاجي، مدير المركز الثقافي الفرنسي في طرابلس، ونائبه السيد فليب غيغي- بولونيي، اللذين أتاحا لي، من خلال استضافتهما للسيد فبير للقيام بنشاطات ثقافية في ليبيا، فرصة اللقاء به. ولا يفوتني، في النهاية، أن أشكر أستاذي وصديقي الأديب الكبير الدكتور علي فهمي خشيم، أمين رابطة الأدباء والكتاب الليبيين، الذي زكاني لدى السيد فبير وحثني على إعطائه كتاباتي.

أتوقع أن يكون القراء الفرنسيون، بمن فيهم أولئك الذين يقرأون باللغة العربية، لا يعرفون أي شيء عن الأدب الليبي، في ما عدا بعض كتابات الروائي إبراهيم الكوني الذي أصبح ذا شهرة عالمية. وهذا أمر طبيعي جدا. لأن هذا الأدب، لأسباب ليس هنا مجال شرحها، مجهول، للأسف الشديد، حتى من قبل الغالبية الساحقة من القراء العرب.

لذا أريد أن أغتنم هذه الفرصة لأؤكد للقاريء الفرنسي عموما، ولأولئك المهتمين بترجمة الأدب العربي إلى الفرنسية، على وجه الخصوص، إلى أنه يوجد كثير من الإبداع الأدبي الليبي، خصوصا في مجال القصة، جدير بالترجمة إلى الفرنسية، ما دمنا نتحدث هنا إلى فرنسيين.

إن مترجمي الأدب الذين يقومون بترجمة آداب الشعوب الأخرى إلى لغات شعوبهم إنما يسهمون، بعملهم هذا، إسهاما لا يقدر في مد جسور التقارب بين الثقافات و، بالتالي، تعزيز إمكانيات التفاهم الخلاق بين الشعوب.

وعليه أؤمن أن توجيه اهتمام أعمق وأوسع من قبل المستعربين الفرنسيين إلى ترجمة الأدب العربي، من مختلف بلدان الوطن العربي، إلى الفرنسية هو أمر شديد الحيوية يسهم في تنقية العلاقات بين ثقافتينا وأمتينا. إذ لا ينبغي، في رأيي، أن يظل التدفق من جانب واحد، بحيث يكون المثقف العربي يعرف الكثير عن الثقافة الفرنسية والأدب الفرنسي، ولا يعرف المثقف الفرنسي (باستثناء القلة النادرة) إلا القدر اليسير عن الثقافة العربية والأدب العربي، أو لا يعرف شيئا على الإطلاق.

إن علاقة المثقفين العرب الذين اختاروا قيم الحداثة، بفرنسا هي علاقة ذات جانب روحي، إذا جاز التعبير. فرغم أن لفرنسا ماضيا استعماريا معروفا في عديد من البلدان العربية، وأن بشاعات بغيضة اقترفت في هذه البلدان، بالذات في الجزائر، إلا أن المثقف العربي الحديث يصفح عن كل ذلك ويعتبر أن جوهر فرنسا وحقيقتها الدائمين والفاعلين، في تاريخ التقدم البشري، ماثلان، ليس في تاريخها الاستعماري، وإنما في الفلسفة الفرنسية وعصر الأنوار الفرنسي وقيم الثورة الفرنسية والمنهج العلمي وعلم الاجتماع والأدب الفرنسي والمدارس النقدية الأدبية الفرنسية والحرية والعلمانية والدمقراطية وحقوق الإنسان. وهي رؤية يعود الفضل في بلورة الجانب الأعظم منها إلى المترجمين العرب الذين نقلوا إلى العربية كما هائلا من التراث الثقافي الفرنسي.

عمر أبوالقاسم الككلي طرابلس/ 8/3/2004

* نص المقدمة التي كتبتها لترجمة مجموعتي القصصية “صناعة محلية” إلى الفرنسية. وقد صدرت في طبعة ثنائية اللغة بتلوز عن جامعة تلوز بفرنسا سنة 2005.

شاهد أيضاً

مستشفى طب وجراحة الفم والأسنان بمصراته يحيى اليوم العالمي لنظافة الأيدي

  الصباح نظم مستشفى طب و جراحة الفم و الأسنان بمدينة مصراتة بالتنسيق مع إدارة …