العدل
__
فتحية الجديدي
الرجل الذي أعطى أكثر مما أخذ .. كرس جهده لخدمة الصحافة وعاش في محرابها هاويًا ومهنيًا ومحترفًا .. صاحب كلمة وموقف أيضًا ، لم يبخس عمله ونحن كنا شهوداً عليه وهو يبذل قصارى جهده في العمل الصحفي اليومي، الشخص الذي امتزجت علاقته بجميع زملائه بروح العمل والمحبة والمساندة ، وكنت من الذين حظوا بتلك المساندة في بداية مشواري الصحفي ، كان – وكما كتب عنه البعض – الشخص الطيب الودود المعطاة رغم عصبيته التي تصل أحيانًا حد الغضب ، لكنه سرعان ما يتراجع بقلب ودود ويبادر بجمل لطيفة يطلقها ويستخدمها تعبيرًا عن مواصلة احتوائه غير الاعتيادي لكل زميل شعر بأنه يحتاج لذلك .
«عبد الحفيظ العدل» كان صحفي من الطراز الرفيع وكان مشروع كاتب ما لم يباغته الموت وهو صغير مبكر، كان شغوفًا بالقراءة لاسيما الروائع الأدبية، ومشنفاً آذانه لجميل الموسيقى ، واعتبره قارئاً نهماً عندما كان يحضر معه كتبا لمكتبه البسيط، يتصفحهاً قبل أن يبدأ في كتابة زاويته اليومية بالصفحة السياسية، في أصيل أيام عمله.
في الفترة الصباحية لا يفتأ يحاول الحديث معنا ومشاكستنا بل يطلب منه التدخل في بعض مشاكلنا العالقة سواءً أكانت في المهنة أو على الصعيد الشخصي ، فهو شخص موثوق به وغير مترفع وقريب من الناس لدرجة كبيرة ، وجميعنا يتذكر له العديد من المواقف الرائعة، صديق الجميع دون صديق لصيق.
العدل.. كتب بالمجال السياسي والثقافي والشأن المحلي كانت له بصمته الواضحة بالصحافة منذ بداية التسعينيات حتى وافه الأجل وانتقل لرحمة الله تعالى
وله مساهمات أدبية عدة منها المقالة أدبية والنصوص الشعرية التي حاولت تجميع بعضها من ما دونه ببعض أوراقه، ومنها : –
إذا لم يكن هناك من داع حقيقي لأن أقول شيئًا فيبقى أن أقول :
عاكفًا على دفاتري
يبدد الشاعر وحشة الوقت
في قصائد لا تحاكي شيئًا إلا جراحه
كلما أوغلت في غيابك
وجدتك قلب تستذبل بقلبي أكثر
إنه يوم جميل آخر
تبتسم الحياة لي فيه
وانفض عني غبار هموم
ما انفكت تلاحقني
إنني أحيا بسعادة
في المساء أنظم من النجوم
عقدًا ليتباهى بعنقك الجميل
أضع القمر قلادة
ليفتخر أنه يقبل صدرك
عند كل شهيق وزفير
ما أحلى شقاوة الأطفال
إنها متعة
نفتقدها عند غيابها
رحم الله صديقنا ورفيق دربنا