منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
قصة
ترجمة : عمر أبوالقاسم الككلي
تغير الطقس في وقت مبكر من ذلك اليوم، وأخذ الجليد يتحول إلى مياه عكرة. تحدرت مسارب منه من النافذة المرتفعة بمستوى الكتف مواجهة الفناء الخلفي. كانت السيارات تُخَوِّض في الوحل وهي تمر على الطريق المحاذي، حيث أخذت الدنيا تَظْلَم في الخارج. لكنها كانت تظلم في الداخل أيضا.
كان في حجرة النوم يحشر الملابس في الحقيبة، عندما وقفت على الباب.
أنا سعيدة بكونك سترحل!. سعيدة بكونك سترحل!. هل تسمع؟.
استمر في وضع أشيائه في الحقيبة.
أخذت تصرخ:
يا ابن العاهرة!. أنا سعيدة جدا بكونك سترحل!. أنت لا تستطيع حتى أن تنظر إليّ في وجهي. هل تستطيع؟.
ثم انتبهت إلى صورة الطفل على السرير، فالتقطتها.
نظر إليها، فمسحت عينيها وحملقت به، قبل أن تستدير وتذهب عائدة إلى حجرة المعيشة.
أعيديها. قال.
خذ أشياءك واخرج. قالت.
لم يجب. حزم الحقيبة، ارتدى معطفه، طاف ببصره في حجرة النوم قبل أن يطفىء النور. بعدها ذهب إلى حجرة المعيشة.
وقفت في الممر المفضي إلى المطبخ الصغير، حاملة الطفل.
سآخذ الطفل. قال.
هل جننت؟.
كلا. ولكنني أريد الطفل. سأرسل من يأخذ أشياءه.
قالت: لن تلمسه.
كان الطفل قد شرع يصرخ، فأزالت البطانية من على رأسه.
أوه، أوه. قالت ناظرة إلى الطفل.
تقدم منها.
بحق الله!. قالت. تراجعت خطوة نحو المطبخ.
أريد الطفل.
اخرج من هنا!.
استدارت وحاولت الإمساك بالطفل عاليا، في زاوية خلف الموقد.
إلا أنه جاء. مد يديه من فوق الموقد وأحكم قبضتيه على الطفل.
قالت: أطلقه.
ابتعد، ابتعد!. صاحت
كان الطفل يصرخ وقد احمر وجهه. في عراكهما أوقعا مزهرية كانت معلقة خلف الموقد.
ثبتها على الجدار، محاولا فك قبضتها. تشبث بالطفل ودفع بكامل ثقله.
أطلقيه. قال.
كُف. قالت. إنك تؤذي الطفل. قالت.
لا أؤذيه. قال.
لم يكن يدخل من نافذة المطبخ ضوء. في شبه الظلام، تعامل مع أصابعها المنقبضة بيد، قابضا بالأخرى على الطفل الصارخ من ذراعه قرب الكتف.
شعرت بأصابعها تجبر على الانفتاح. شعرت بالطفل يفلت منها.
لا!. صرخت مع ارتخاء يديها.
ستحتفظ به، هذا الطفل. قبضت على الذراع الآخر للطفل. أمسكت بالطفل عند الرسغ ومالت إلى الخلف.
لكنه لم يتخل عن الطفل. شعر بالطفل ينزلق من يديه، فشد نحوه بقوة بالغة.
وبهذه الكيفية، حُسم الموضوع.
Raymond Carver (1938-1988)
أديب أمريكي اشتهر ككاتب قصة، كما أنه كتب الشعر و المقالة.
