ابتسامة تساوي الحياة
فتحية الجديدي
وسط زحام الوجع والآلام وقبض الصدور ونزف الدمع على من فقدناهم من إخوتنا وأصدقائنا وأهلنا بالمناطق المنكوبة في وطننا ، نشرت مؤخرًا على منصة التواصل الاجتماعي مقاطع لإشراقات أمل يزينها أطفال مدينة درنة الحزينة ، وهم يرسلون باقات من المؤازرة رغم فقدهم وفقدنا، وعلى وجناتهم ارتسمت بسمة بعد أن قضم البؤس فرحنا فتحولت إلى أحزان نحملها أينما نكون .
هؤلاء الصغار أطلقوا صافرة الحياة من جديد من أرضهم التي تلقت كارثة فيضان إعصار (دانيال) ومسحت بيوتهم وذويهم ، واستحالت مدينتهم التي حلموا بأن يكونوا مستقبلا لها إلى مدينة أشباح.
محملين بأحلام وأمنيات وتطلعات لغد يتحقق فيه الطموح، اتخذ أطفال درنة من ركنهم الكئيب منصة للانطلاقة الجديدة، أطلق زميلنا الإعلامي ومقدم برامج والمدون النشط «رضاء البهيليل» منشورًا يحمل نصًا على حائطه الافتراضي كتب فيه ..” أطفال درنة يتحدثون معنا من مكان طالته النكبة ومن أمام محال مقفلة وغياب وسائل البهجة بالنسبة لهم، لكن ابتسامتهم بقيت تحمل الكثير رغم الوجع وتصدر طاقة إيجابية في وقت ذاقت فيه نفوسنا من هول ما مررنا به وما تعرض له أهل بلادنا هناك ، هؤلاء من سيحلمون رغم الفجيعة وسيبنى بهم وطن يليق بهم وبآمالهم في حياة خالية من الكره والتهميش، ابتسامتهم من طببت شيئًا من قلوبنا ونظراتهم البريئة هي الحافز ليكونوا سببًا في إعادة إعمار المحبة التي لابد أن يصحبها بنية تحتية قوية تجعلهم أكثر أماناً، التفكير من خلالهم جعلنا أكثر منطقية في نسف الأحقاد ونبذ الانقسامات المميتة ،يكفي أن نصنع مستقبلاً بمادة أكثر إنسانية وأوسع من جغرافيا المكان وأعمق من ثقافة واحدة تجمعنا وبلد لا يقبل التشطير .
هناك ارتفعت أصواتنا وسط ركام المدينة الغارقة بسيول لم تخلف إلا امتداداً خالياً .. ألا يجدر بالجميع أن يتحول الخلاء إلي وطن يقبل الكل ؟ والحزن إلى بداية فرحة وقودها أطفال أبرياء تيتموا ولم يسعفهم القدر بأن يعودوا بشهادات نجاحهم إلى أمهاتهم وآبائهم ولم تتاح لهم فرصة عناق أهلهم بعد تعب ومشقة ، بل ضحايا سيول أساسها الإهمال وسببها قدرة الله عز وجل .