منصة الصباح

طوفان درنة

طوفان درنة

مفتاح قناو

لا احد يدرك معنى وحجم الكارثة إلا بعد وقوعها، وكارثة سيول وادي درنة، كارثة كبرى ألمت بالوطن، وينبغي محاسبة المسؤولين عنها، والمسؤولية هنا لا تنحصر في المسؤول الحالي، بل يجب أن تطال كل المسؤولين الذين قصروا في صيانة السدود المائية لوادي درنة في أوقات سابقة من مسؤولين محليين في البلدية أو في الحكومات المتعاقبة.

أما مسؤولية واقعة الإعصار (دانيال) فهي مسؤولية مختلفة لا علاقة لها بالسدود المائية بل هي مسؤولية أمنية بالدرجة الأولى مسؤول عنها بشكل صريح وواضح قيادات الجيش والقيادات الأمنية بمختلف أشكالها، ومسؤولية رئيس الحكومة ووزراءها.

لماذا هم مسؤولون ؟

الإعصار ( دانيال ) ضرب اليونان قبل أن يصل إلى شمال أفريقيا، ويعرف الجميع أنه قادم، وأنه سيصل إلى منطقة برقة بعد ثلاثة أيام، ويعرفون بشكل دقيق منطقة قلب الإعصار وأين سيكون تأثيرها، وسرعة الريح، وكمية الإمطار الخيالية التي سيتركها، ويعرفون الطبيعة الجبلية المرتفعة لمنطقة الجبل الأخضر، وأن السيول ستنحدر باتجاه المدن الساحلية ( درنة وغيرها من المدن )، ومع ذلك يقف جميع المسؤولين متفرجين ينتظرون الكارثة.

كان ينبغي نزول الجيش وقوات الأمن إلى الشوارع وإرغام المواطنين جميعا على الخروج من المدن الساحلية وتحريك سياراتهم إلى المناطق الصحراوية والواحات القريبة مثل واحات جالو واوجلة والحقول النفطية ومدينة اجدابيا ومناطق جنوب طبرق حتى لو وصلوا إلى واحة الجغبوب، ومن ليس لديهم سيارات يتكفل الجيش بنقلهم بالسيارات العسكرية، وأن يبقوا ثلاثة أيام العاصفة خارج المدن، بعدها يمكنهم العودة إلى بيوتهم وإصلاح ما يمكن أصلاحه ولن تكون هناك خسائر تذكر في الأرواح، أما الخسائر المادية فواقعة لا محالة، لأنه لا يمكن نقل البيوت والعمارات من مكانها.

هذه مسؤولية الجهات الأمنية والجيش عند حدوث خطر يهدد حياة المواطنين، يستوي في ذلك إن يكون الخطر غزوا من جيش خارجي، أو عاصفة مدمرة، أو زلزال محلي لو استطاعت الجهات المختصة أن تتنبأ بقرب حدوثه، أما الوقوف مكتوفي الأيدي، والاتكال على القضاء والقدر، بل أن هناك من أمر المواطنين بعدم الخروج من بيوتهم، فإنما يدل كل ذلك على الارتجال في العمل، وعدم وجود قيادات عسكرية وأمنية حقيقية قادرة على التخطيط السليم والتنفيذ الحازم عند استشعار الخطر الداهم لحياة الناس، وأن حياة الليبيين مازالت عشوائية تعتمد على الفزعة والرغاطة، ومازلنا نبتعد كثيرا على تكوين دولة عصرية تأخذ بأسباب العلم، دولة قادرة أن تحمي مواطنيها، ويشعر المسؤول فيها أن أرواح المواطنين أمانة في عنقه.

رحم الله شهداء الوطن في طوفان درنة وما جاورها من مدن، وأسكنهم فسيح جناته.

شاهد أيضاً

الكرة الخماسية بحاجة لإستقلالية لكي يتوفر عاملي النجاح والتألق

عادل قنابة الكرة الخماسية في ليبيا بحاجة لإستقلالية عن الاتحاد الليبي لكرة القدم إذا اردنا …