منصة الصباح

البصرية.. في الرواية

كتب /على العباني

أن تكتب رواية أو قصة قصيرة أمر انجزه العديد من كتاب الرواية والقصة القصيرة عبر الزمن شرط أن تتوفر لديك موهبة الكتابة و مخيلة السرد .
لكن أن تعيش قصة قصيرة أو تكون ضمن شخوص رواية ما من تراكم قراءآتك لهذين الصنفين من صنوف الكتابة الأدبية . فهذا هو الأمر المسلي والغريب ..!!
استحضر قراءآتي كلما وجدت نفسي وحيدا في مناخ جدير بأن يصاغ سرديا
الغريب أن هذا المناخ محدود جدا في زمانه ومكانه , أي أنه ليس مطلقا على الأطلاق .
أقول ان المناخ أو ما يمكن ان نسميه إكسسوارات القصة أو الرواية بالنسبة لي محدود في موضوعة السفر .. نعم السفر الجماعي وليس الفردي كي تتاح للمخيلة ان تصوغ الواقع ليكن جديرا بالحلم . أو انه تخليق لمناخ حميم في حضور متنوع للإنسان داخل واقع يستدرج محطات قادمة لم تتحقق بعد لكنها تلوح كأطياف في أفق الروح .
هأنذا أحدد موقعي سواء الواقعي أو ذاك الذي ينتظر إمكانية التحقق ..
عربة قطار .. نعم عربة قطار وبالتحديد القمرة القديمة بنافذة شاسعة ومقاعد جلدية تواكب خيارات النكهة الأدبية , ثم ركاب تمنحهم المحطات فرصة أن يكونوا أبطالا لقصة قصيرة أو رواية .. نعم دون علمهم !!! نعم أليس ما يدب في حياتنا كان وما يزال ضرورة من ضروراتها ؟؟؟
أعود .. سأستدع روحا ما بحلم ما ..!!! ولكن بمقعد محددقرب النافذة بعربة قطار محددة ، مكتفية بتفاصيلها وبنكهة الستينيات وطقس مستعار من فصل الخريف وبداية الشتاء حفاظا على أشجار سقطت أوراقها عند ملتقى الهطول وصوت المطر ..
العربة دافئة ,
المطر يهطل
الوقت ساعة الغروب في انتظار ليلة قادمة وكاملة ننتظر بدورها صباحا مذهلا ..
أن أصف مثلا المرأة التي تجلس في المقعد المقابل على يميني ، قرب باب المقصورة
ليست فلاحة بالتأكيد ( فعلاقة الفلاحة النسائية لم ترصد في السرد العربي داخل مقصورة قطار مسافر )
الوشاح الذي ترتديه زخارفه شبيهة الى حد بعيد بالزخارف المكسيكية …حقا تغري بالكتابة وتذكرنا بأدب أمريكا اللاتينية .لكننا لسنا في المكسيك ..فالتقنية حديثة في البلاد وطارئة ولم تألف طابع المكان بعد ..
أزيح الفكرة وأطلق البصر عبر النافذة على شمالي دون ان تغادر مخيلتي صورة السيدة الجالسة .. تشف عيوني صورتها وتصبح من معطيات السرد حين الحاجة إليها كصورة ثابتة .
الشاب الجالس قبالتي يقوم ، يمد يديه إلى درج الأمتعة فوق رؤوسنا ، يتناول حقيبة زرقاء متوسطة الحجم ويستأذن للخروج .
عبر النافذة يتحرك سرب أشجار الكافور والصنوبر مسافرا عكس اتجاه القطار .
تظهر ثغرة عبر السرب تفصح عن بيوت بعيدة ودعتها الشمس الغاربة منذ قليل ، تكاد تضيء في الأفق البعيد ، تكللها هامات سحب قاتمة ..

شاهد أيضاً

استئناف طرابلس تقضي بوقف قرار مجلس النواب فرض ضريبة على النقد

  الصباح قضت محكمة استئناف جنوب طرابلس، بوقف قرار مجلس النواب بشأن فرض ضريبة على …