منصة الصباح

الأيقونة الجامعة

بقلم / عبد الرزاق الداهش

لم تجمعنا القبيلة التي قلنا إنها عائلتنا الكبيرة، فتحولت إلى دولة داخل ليست صغيرة.

وبسبب قيم القبيلة دخلنا المدينة بذهن البداوة، فلم نمش مشية الحضارة، وخسرنا فضيلة البادية.

والأسوأ لأن القبيلة تحولت إلى محمية ليس لمنتجات الماضي، بل طاردة لكل مكتسبات العصر، وبمنطق أنها الصواب ولو كانت على خطأ .

لم يجمعنا الإقليم فقد حولنا الوطن من قيمة إلى لقمة ، ومن مغرم إلى مغنم ، وبدل أن تسيل دموعنا على وطن يسيل لعابنا على كعكته، واستبدلنا عنوان إقامته، من القلوب إلى موائد الطعام .

لم تجمعنا القومية حتى وإن ولدنا وعلى (لساننا بلاد العرب أوطاني .. وكل العرب إخواني) ،فقد فرخت الراديكالية راديكاليات ،وعدنا إلى مستطيل الاشتباك الأول، نتعامل مع الوطن مرة بالشوكة، ومرة بالسكين.

لم يجمعنا الدين حتى وإن كنا كلنا مسلمين، جميعا نشهد نفس التشهد ونصلي نفس الصلاة، فقد تشظينا بين صوفي قلنا إنه من عبدة القبور، وسلفي نعتناه بأنه من عبدة الملوك.

نبشنا القبور، ونبشنا العقول، بل ونبشنا النوايا، وأنتقل اختلافنا من الحناجر إلى الخناجر.

ليبيا فقط هي الايقونة الجامعة، والكلمة الجامعة، والتوجه الجامع.

كل قبائلنا هي قبائل ليبية، وكل مناطقنا هي مناطق ليبية، وعرب ليبيا، وامازيغ ليبيا، وتبو ليبيا كلهم ليبيون.

كما أن السلفيين  ليبيون، والاشعريين، والصوفيين، والأباضيين كلهم من ليبيا، وليبيا منهم.

عندما تكون ليبيا فوق رؤوسنا تصبح اختلافاتنا تعددية خلاقة، وعندما نضع ليبيا خلف ظهورنا تصير تعدديتنا حرائق ونزيفا عسيرا.

ليبيا وطن، وليست كعكة لطامح، أو طامع أو مغامر بليد.

شاهد أيضاً

(عن ايام الطباعة نار ورصاص واورام )

زكريا العنقودي انا ولد مطبعة وكبرت من عمري 15 العام بين الحبر والاوراق ، وللعلم …