بقلم /عبدالباري رشيد
منذ بداية التحرك الدولي في الملف الليبي بعد عدوان شهر أبريل من العام 2019 كانت حكومة ((الوفاق)) ولاتزال واضحة في مواقفها تجاه ذلك العدوان.
ووضعت الجميع أمام مسؤولياتهم وأمام الخطوط الحمراء لكي يكون المجتمع الدولي على دراية كاملة بمجريات الأحداث وتطوراتها والموقف الثابت في مجابهة العدوان وعدم السماح بالعودة إلى عسكرة الدولة والحكم الفردى والأسرى، وغير ذلك من التوصيفات للعدوان وأهدافه ومراميه.
وكما ذكرنا فإنه ومنذ أن بدأت فكرة التحرك الدولي تجاه الملف الليبي والتي يرى المراقبون بأنها بدأت خلال قمة البلدان الصناعية الكبار في فرنسا في أغسطس من العام الماضي وهو ما أعلن عنه المبعوث الأممى سلامة في إحدى تصريحاته .
بأنه هو من أقنع المستشارة الألمانية ((ميركل)) بفكرة مؤتمر دولي تحتضنه المانيا وظلت الفكرة قائمة وجرت مناقشتها وبتفاصيل أوسع كذلك خلال اشغال الدورة العادية الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
وما عرف في حينه بمجموعة ((العشرة)) نسبة إلى البلدان العشرة التي عقدت اجتماعاً بالخصوص واستمرت التحضيرات لمؤتمر برلين طوال ستّة شهور حتى التئم المؤتمر يوم 19يناير الماضي.
وكما اشرنا فإن حكومة الوفاق وضعت الجميع أمام ثوابتها وأصدرت مثلاً يوم 30 سبتمبر الماضي في أعقاب اجتماع مجموعة العشرة بياناً.
أكدت خلاله على الثوابت والمرجعيات التي تتمسك بها ((الوفاق)) ويأتى على رأسها ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي ((الليبي)) الموقع ((بالصخيرات)) في ديسمبر 2015م وبالأجسام المنبثقة عنه ((كمرجعية)) أساسية لأى حوار.
مع ضرورة الوقف الفوري للمؤسسات الموازية لحكومة الوفاق وتضمن البيان أيضاً إشارات واضحة تؤكد بأن أي حديث حول وقف إطلاق النار والعدوان على عاصمة كل الليبيين يرتبط بالانسحاب الكامل للقوات المعتدية وعودتها من حيث جاءت.
ولم يغفل بيان حكومة الوفاق الإشارة أيضاً إلى أنه لم يكن هناك اتفاق مبرم في ((ابوظبي)) .
كما يتم تسويقه بل كان لقاءً تشاورياً باشراف الأمم المتحدة في حين أن الاتفاق الوحيد هو ما تم التوصل إليه في ((باريس)) في مايو 2018م حيث أتفق على إجراء إنتخابات بتواريخ محددة والاتفاق دعمه لقاء ((باليرمو)) لاحقاً ولم يلتزم به الطرف الآخر ويمضى بيان الوفاق إلى التأكيد أيضاً على أن الحل الوحيد يكون من خلال خطة الأمم المتحدة التي تنص على عقد ملتقى وطني ((جامع)) حسب ما كان مقرراً ضمن خريطة الطريق في مدينة ((غدامس)) يوم 14 أبريل الماضي..
وهو المؤتمر الذي تم ((تقويضه)) وتعطيله بالعدوان الذي سبقه بعشرة أيام!! فالبيان واضح إذاً بكل دقائقه وتفاصيله وبحسب ما يرصده المراقبون بشأن الملف الليبي ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه الأيام.
فإنهم يلاحظون الثوابت على الموقف والإلتزام بردع العدوان والتصميم على تحقيق طموحات الليبيين في تأسيس دولتهم الديمقراطية.
والتي تستند على الانتخابات وإختيار من يحكم ممن تفرزه صناديق الانتخابات فضلاً عن إجازه الدستور الدائم وإجراءات وترتيبات أخرى مرتبطة بكل مستلزمات الدولة المدنية.
ويشير المراقبون إلى تلك المواقف المرتبطة بحكومة الوفاق من خلال متابعتهم مثلاً للخطاب الدبلوماسي لرئيس المجلس الرئاسي ولرئيس مجلس الدولة ولوزير الخارجية وحتى مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي بداية من مشاركة حكومة الوفاق في مؤتمر ((موسكو)) أوائل يناير الماضي ومشاركتها في قمة برلين 19 يناير .
وكذلك المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس المجلس الرئاسي يوم 16 فبراير الجاري بطرابلس.
وكلمته في اليوم التالي أمام الحشود بميدان الشهداء بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة فبراير والتي ركز خلالها على أن حكومته هي حكومة السلام والاستقرار وترسيخ الوفاق مجدداً التأكيد على أنه رغم العراقيل فإننا ملتزمون بتحقيق طموحات الشعب الليبي في كنف القانون والتداول السلمى على السلطة.
ولن نقبل بأن تتحول ليبيا إلى مزرعة يحكمها فرد أو عائلة أو قبيلة.
وهذا ما تعبر عنه مواقفنا الرسمية وما يعكسه خطنا السياسي والدبلوماسي ونفس الشيء أكد عليه رئيس المجلس الرئاسى أيضاً في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف التابع للأمم المتحدة يوم 24 فبراير الجاري حين ذكر أمام الحاضرين بأن تصدى الليبيين للعدوان على العاصمة وطوال عشرة شهور دليل على أن الشعب يرفض الحكم الديكتاتورى الفردى وحكم العائلة،.
مشيراً في ذات الوقت إلى انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة على العدوان على العاصمة الكبرى لكل الليبيين وهو العدوان الذي أوقع أكثر من عشرة آلاف ضحية ما بين شهيد وجريح ومصاب.
وأجبر 330 ألف مواطن على ترك منازلهم والنزوح داخل طرابلس وبقية المدن الأخرى فضلاً عن تدمير ما يقارب 20 ألف بيتً وقصف المرافق الحيوية كالمطار الوحيد بالعاصمة والميناء البحرى بها!!
وحمل رئيس المجلس الرئاسى خلال كلمته أمام الحاضرين مسؤولية تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا على ((المعتدى)) .
ومن يَمدُه بالمال والسلاح قائلاً: يجب محاسبتهم قانونياً على جرائمهم معلناً بأن حكومة الوفاق ستظل تدافع عن حقوق الشعب في بناء دولته المدنية على أسس ((تحترم)) حقوق الإنسان.
وبأن ليبيا تتطلع إلى شراكة فاعلة وتضامنية مع العالم أجمع وخصوصاً إفريقيا وأوروبا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها .
وبطبيعة الحال فإن كل تلك الشواهد التي يرصدها المراقبون للملف الليبي هي رسائل واضحة للمجتمع الدولي.
وأمام كافة المؤتمرات والمنتديات التي تحاول خلالها الأمم المتحدة والاتحادات الأقليميةـ أفريقياـ أوروبا إيجاد حلول مناسبة لذلك الملف يخرج البلاد من النفق المظلم ولا تستثني تلك الرسائل بكل تأكيد موقف الليبيين أنفسهم والذي يجب أن يكون ((رافعة)) وحاضنة ومبادرة بمعنى أن تتوحد مواقفهم ويساعدوا أنفسهم حتى يتمكن المجتمع الدولي من مساعدتهم والمساهمة معهم في إرساء سفينتهم إلى شواطئ الآمان.
إلى الدولة الديمقراطية التي تلبى طموحاتهم ورغباتهم في التداول السلمى على السلطة وجعل مصلحة الوطن هي العليا.