منصة الصباح

الجيل المحظوظ والتعيس .

د ابوالقاسم عمر صميدة

 

للأجيال يومين يوم ابيض ويوم اسود ، ويوم الجيل ليس 24 ساعة ، بل عشرات السنين ، الجيل الستينى وما قبله عانى الفقر والحرمان ، أغلبهم لم يولد فى المستشفيات ولم يلقى عناية صحية ، ولا يعرف اعياد الميلاد ولا حتى تاريخ ولادته ، لم يركب سيارة خاصة ولم يلبس بدلة ولم يشاهد فى طفولته التلفزيون الملون ، ولم يأكل الهمبرجر ولا التشيز كيك ، كان يقرأ على ” الفنارة او على ضوء الشموع ” كان يخاف من مدرسيه ويهرب منهم لو صادفهم فى الشوارع احتراماً ، لكنه كان أميناً حيياً يسمع لكلام والديه ويحترم جاره ويخجل ان ينظر الى إمرأة عابرة فى الشارع ، كل همه ان يتعلم ويقرأ وان يستمع الى مذيع الراديو وهو يقرأ أسماء الناجحين نهاية العام الدراسى ، كان لا يعرف الأسبرين او المضادات الحيوية ، لكنه كان يتمتع بصحة جيدة ومبتهج رغم كل شىء ، اما الجيل الذى لحقه فقد كانت ولادته في ظروف معيشية رائعة يسمونها أيام الطفرة البترولية حيث المستشفيات والمدارس وحيث الحليب والتمر وبعض الملابس وسيارات النقل وظهور التلفزيون الملون والرسوم المتحركة ” وأنصاف التن ” والكراسات والكتب ، ثم جاء جيل الأتارى والجراند لايزر والسندباد ، وشيوع المعرفة وازدياد عدد السيارات وتنوعها وتشتت ذهن الجيل بين حروب الخليج والصراعات الدولية والكابتن ماجد والنمر المقنع والكاميرا الخفيه ، ماتت هوايات جمع الطوابع البريدية والرسم والمطالعة وقراءة القصص وتحدى الحرف الأخير من بيت الشِعر ، وحل الكلمات المتقاطعة ، فقد اصبح الجيل الأخير ينتمى الى عالم آبل والبلاك بيري والجلاكسي وسامسونج والإكس بوكس ورونالدو وميسى ، اختلفت الأجيال بين جيل لا يخشى التقدم في السن وجيل حريص على ان لا يكبر ، جيل كان يعرف انه مهما تعلّم فهو محتاج للإستزادة والمعرفة والاستماع وجيل يعتبر نفسه من أكثر الناس فهماً للحياة، جيل كان يعتبر عصا الاستاذ هى تكملة للتهذيب والتشذيب والدفع لمزيد من التركيز وجيل يراها معادية لحقوق الانسان ، جيل لم يتأزم عاطفيا من ظروفه الأسرية ، ولم تتعلق قلوبه بغير أمهاته، وجيل لا يدخل مدارسه الخاصة الا بهواتفه الخاصة وبلوتوثة المعلق فى رقبته كحبل الغسيل على أنغام موسيقى الراى وحلم ” حرق البحر ” نحو المجهول ، جيل لم يشتكى  كثرة المناهج والمقررات والكتب والواجبات ، وجيل لا يقرأ ويحب ان ينجح ، وحتى واجباته المنزلية النادرة يساعده فيها اهله ، فكم كانت رائعة تلك الأجيال التى تحترم المدرس وتحترم الجار وتحب المسنين وكانت حريصة على سمعة أهلها ونظافة حيها والصلاة فى المساجد والبحث عن العلم والمعرفة ومساعدة المحتاج ، وقبل ذلك احترام الوالدين ، وحب الاصدقاء ، والحرص على عدم أذية أحد ، يالها من مفارقات بين الأجيال ، وكل الأمل فى ان يكون الجيل الحالى وقد توفرت له كل السبل فى الادراك والمعرفة ان يكون جيل خير ونجاح وان ينهض ببلادنا نحو المستقبل وان يدرك ان الحياة قصيرة وتستحق الجهد والتعب والعطاء .

 

 

شاهد أيضاً

فتح أبواب المدارس أيام السبت لطلبة شهادتي الأساسي والثانوي

  الصباح وجه وزير التربية والتعليم موسى المقريف اليوم كتابا الي مراقبي الوزارة بالبلديات، وجه …