كلمة
فتحية الجديدي
الساحة و المقصف كانا يظهران لي أثناء وقوفي مع شقيقتي عند بوابة المبني الثانوية التي تغير اسمها إلى (راية الحرية) بدلاً من الراية الخضراء.
دفعت خطواتنا في هذا سيلاً من الذكريات إلى مخيلتي .. تذكرت أحداثاً انقضت قبل 3 عقود .. وعنى لي المكان أكثر مما ترائى علي محياي للناظرين .. ففي تلك الأروقة والساحات شاغبت وشاكست وتعلمت، وكذبت أيضاً في بعض الأحيان، خاصة فيما يتعلق بموعد عودتي من الدراسة، فقد كنت أسرق ربع أو نصف ساعة لألهو مع رفيقاتي وكثيراً ما طرنا بأرجوحة الأحلام.
استذكرت تلك الأيام حين كنت أصل متأخرة لسبب بسيط هو مكوثي في محل عمي جمعة للمواد الغذائية لشراء علكة الفروالة، وهو يسرد قصته المتكررة عن جلب البضاعة من سوق الجملة والمعاناة اليومية لوصولها «للدكان » وما ينتج عن ذلك من إحالتي للتذنيب الصباحي، نظرت إلى تلك الحديقة الصغيرة التي كنت أجلس فيها لمراجعة النص الشعري بمادة النصوص لتسميعه بشكل يليق به، كنت المتميزة وذلك لحبي لهذه المادة .
سألتني شقيقتي هل كنتم مشاغبات ؟
تذكرت سميرة القانقا وهناء العربي وانتصار الزنتاني وكريمة وحسناء – أوجه لهن التحية – وأتذكر عندما خرجنا من الفصل واختبئنا بغرفة الخفير، لأن الضابط العسكري أراد الاستعانة بنا لقراءة تمام الانصراف، لعدم قناعاتنا بما هو مكتوب من شعارات غير منطقية وتحليلنا المبكر لها ، كنا من محبات الخطابة الأدبية رغم ضعف بلاغتنا في ذلك الوقت، حيث كنا نتمرن على القراءة بصوت مسموع بواسطة استخدام علب مشروب «البيبسي» التي نثقبها من الجهتين ونستخدمها كلاقط للصوت ! أما ساعات الاستراحة فكانت لنا طقوس خاصة، لاسيما وأنه كان مسموحاً لنا جلب بعض المأكولات الخفيفة من البيت، والذي توائم مع عدم إعجابنا بما يقدمه المقصف من سندوتشات لاتشبه (السندوتشات ) .. وقد غضبنا على هذا المكان الذي شعرنا بأنه لا يلبي ما نريد ، توقفت عند معاقبة معلم اللغة العربية لثلاث طالبات وقعن في خطأ نحوي وشدة خوفي منه، وملامح أستاذ الجغرافيا اللطيفة، وصور أخرى لا تسمح المساحة لذكرها .