فتحية الجديدي
وقع خبر وفاته علينًا كالفاجعة، بعد أن ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي، بين مترحم ومكلوم ومؤبن ومستذكر لمآثر الفقيد.
لم نجد والدمع يترقرق في المآقي إلا الترحم عليه وسلوان بعضننا، أما العزاء فنحن من نقبله فيه .. ألم نكن أهله إلى جانب أهله وأصدقائه ورفاق دربه.
غادرنا بصمت وألم حاد لم يتوقف البتة عن نكء جرح الفقد المضرج بدماء قلوبنا، وضجيج الحزن لن يسكن في رواق مكانه المعتاد، عندما كنا نستقطع بعضًا من الوقت لنكون بصحبته مع أصدقاء جمعنا بهم القاسم المشترك وأنار المكان بدماثته ولطفه.
لم يسعفه الوقت ليخبرنا عن آخر مستجداته العلمية كونه محاضرًا بإحدى الجامعات ولم يشرح لنا أين وصل مشروعه المهني في إصدار «قاموس المفردات الصحفية» ولا عن باقي حكاياته مع رفاقه الأولين وعن تفاصيل رحالاته التي ما إن يسرد مقطعًا منها حتى تنحبس الأنفاس وترهف الأسماع له.
رحل أستاذنا وصديقنا بكل مواقفه الواضحة ..الأنيق في طلته والسمح في خلقه غير مكترث بما يصنعه المعقدون، ومضى إلى غير رجعة لدنيانا الفانية من يحتل مساحة إضافية في قلوبنا دون استئذان.
رحل عنا ونصف شكوانا لم يتلقاه بعد وتذمرنا من بعض الإشكاليات، التي ألزمه منصبه كمستشار لهيئتنا الموقرة أن يسمعها وينصت إليها، وهو يحاول حلّها بإنسانيته ولو كلفته معارك أخرى.
رحل عنا الرجل الذي لانستطيع الكتابة عنه إلا بصياغة متفردة كتفرده السخي في وسطنا، تاركاً كل الزملاء بين ناعى وباكٍ لشخصية تتحدث عن نجاحها من خلال أعمالها.
وداعًا صديقنا وأستاذنا الودود ولن نوفيك حقك عندما كنت تستمع إلينا فلا تقاطعنا .. بل ،تشد من أزرنا وقت الضجر وتمتعنا بأحاديثك ساعات البهجة، رحل من كان هدؤه غالبًا على طبعه حتى في مواقفه العنيفة وصوته كان تعويضًا على ذلك .. رحل وهو الذي ما فتيء يدخل معارك من أجلنا.
وداعا أيها البهي الصديق «الهادي الورفلي» مع حفظ الألقاب والمقام والوجع.. السلام لروحك والوداع لحضرتك.