منصة الصباح

هالة فيلم يفتح نافذة على الحقيقة أم على الأسئلة؟

هالة فتاة مراهقة ممزقة بين ثقافتين ــ قامت بدورها الاسترالية جيرالدين فيسوا ناثان ــ وُلدت في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها ترعرعت أيضًا بين والدين محافظين، يريدان لها أن تتبع خطاهما. كأية مراهقة في مجتمع منفتح، تتعلم اكتشاف نفسها، وتريد تجربة الأشياء بطريقتها الخاصة، أي تحاول أن تعيش حياتها كما تشاء، وعلى وجه الخصوص علاقتها بجيسي، لكنها مجبرة على فعل ذلك سراً.

في البداية ومن أول مشهد نرى الفتاة تمارس العادة السرية، حيث يخفي البانيو جسدها، وبينما هي غارقة في رغبتها، يأتي صوت والدتها لتفيق ويكون التأنيب على ضياع وقت صلاة الفجر من أمها، نرى الأب أقل حدة وبلباس غربي، بينما الأم تظل في اللباس التقليدي، تطبخ أكلات شعبية وتستمع لأغاني شعبية، وتزين بيتها ببعض الأشياء الباكستانية. فالشخصية هنا ليست سلبية ولا مريضة، ولا تشعر بالنقص، ولا تواجه تنمرا واضطهادا من زملائها وزميلاتها، وتكاد تحد من علاقاتها، لكن مشاعر جارفة تقودها إلى زميلها الأمريكي الخالص جيسي، تكتفي في البداية باختلاس نظرات إليه ثم تجمعهما صداقة تتحول لعشق، ثم للممارسة الجنسية، هي من رغبت فيها، رغم أن صديقها عجز عن جعلها ممارسة ممتعة إلى النهاية لكنها بدت راضية عنه.

يقدم لنا الفيلم قضايا يتم التطرق إليها في أفلام المخرجين والمخرجات في المهجر الغربي، فالحرية والتحرر، خاصة الحرية الجنسية، تظل مواضيع بالغة التعقيد، ثم الصراع بين الهوية والانتماء والاندماج بالمجتمع الغربي، وهناك من يمارس جلد الذات وتحقير المنبع والهوية الأصلية، وهنالك من يعمل على إبراز التمييز العنصري للمجتمع الغربي، وتكذيب الشعارات العريضة مثل المساواة والعدالة وغيرها، هنا في هذا الفيلم تبدو أن المخرجة وهي تنطلق من تجربة حياتية خاصة تريدنا أن نظل مع شخصية هالة، وأيضا الأم حيث تكشف الفتاة زيف والدها، فهو كمحام يعتبر المحاماة مهنة للكسب وليس لتحقيق العدالة، وهو أيضا له علاقة مع زميلة له، لكنه عندما يرى ابنته عائدة بسيارة زميلها فهو الشرقي صاحب الشرف، ويكون سؤاله الأول هل حدث شيئ بينهما؟ يعني ملامسة جنسية، ولا يتورع عن صفع ابنته ثم التخطيط لتزويجها بطريقة تقليدية، تستكشف الزوجة أيضا خداع زوجها ومدى تضحيتها وتطلب الطلاق للخروج من سجن دام طويلا، ولم تحقق ذاتها في المهجر، وتصمم على أن تنال ابنتها تعليما جيدا حتى لو كانت الجامعة بعيدة.

في المشهد الأخير بعد أن تؤدي الفتاة صلاتها، تخرج من غرفتها بالسكن الجامعي بدون غطاء الرأس لعله نتيجة طبيعية غير مبالغ فيها، وله دلالات التحرر، أي كأنها فهمت المعادلة بين عالمين بينهما، الكثير من التضادات والفروقات، ولكنه لا يكون صادما بالعكس نشعر بأنه يلبي رغبة الشخصية التي أصبحت أكثر نضوجا وفهما لهويتها كمسلمة وشرقية، وحياتها وكينونتها هنا كمواطنة في هذا المجتمع الذي عليها أن تكون جزءا منه وليست ضيفة أو مهاجرة غريبة.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …