بقلم /سليم يونس
«إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة»؟
التباس المفاهيم
«قال وزيرالدفاع الإسرائيلي السابق، ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان، إن « رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوفد رئيس الموساد والوفد الموافق له إلى قطر، ليطلبا من الدوحة استمرار تقديم الأموال لحركة حماس بعد 30 مارس/ آذار».
مشاكسة…ما هي مصلحة الكيان الصهيوني في الطلب من قطر استمرار تقديم الدعم المالي لحركة حماس التي تحكم قطاع غزة؟ أليست حركة حماس بمثابة العدو الجذري للكيان الغاصب كما تقول أدبياتها، وأنها أي الحركة تطالب بإزالة الدولة الصهيونية من كل فلسطين؟ ثم إذا كان التناقض يصل حد النفي بين الطرفين، لماذا تسمح دولة الاحتلال بمرور الأموال القطرية لتغطية مرتبات عناصر حماس؟ ثم هل يمكن ربط ذلك بموقف حماس من التصعيد الذي جرى منذ يومين عقب وحشية ولا إنسانية جيش الاحتلال في التعامل مع جثمان أحد مقاتلي الجهاد الإسلامي؟ ولماذا اقتصر موقف حماس على التنديد اللفظي ولم تشارك في علميات القصف التي قامت بها حركة الجهاد وفصائل أخرى وهذا يحدث للمرة الثانية؟ ثم ألا يشكل تباين الأقوال عن الأفعال بؤس خطاب بعض القوى الفلسطينية التي تتعامل مع الاحتلال بـ(القطعة)، في حين أنه عدو محتل مجرم عنصري يعتقل كل قطاع غزة؟ ثم ما سر العلاقة «حماس–إسرائيل–قطر»؟ ثم ما معنى التهدئة مع عدو تاريخي يمارس عدوان في كل لحظة؟ وما قيمة السلاح والخطاب عالي النبرة الذي سرعان ما تبرر حماس تراجعه عند أي اشتباك بدواعي المصلحة الوطنية؟ والحديث عن تثبيت معادلة القصف مقابل القصف، وكأننا لسنا بلدا محتلا وأن هناك عدو يمارس القهر والحصار ومصادرة الأرض في كل لحظة؟ أليست هذه المعادلة بمثابة دعوة لقبول أن يبقى الوضع القائم كما هو عليه الآن؟ وأن مهمة حماس وغيرها هي الرد فقط عندما تتعرض قواتها لعدوان مباشر؟
أي دولتين…؟!
دعا مجلس الأمن الدولي بإجماع الدول الأعضاء في مجلس الأمن ، وبينها الولايات المتحدة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تجنب «تقويض» فرص الحل الذي ينص على إقامة دولتين، وأن دعم المجلس يستند إلى «قرارات الأمم المتحدة السابقة ذات الصلة بما يتوافق مع القانون الدولي لإقامة دولتين ديموقراطيتين: إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن ضمن حدود معترف بها».
مشاكسة…ماذا يعني إجماع المجلس بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية على حل الدولتين؟ لكن السؤال هل هناك فهم موحد مانع جامع لدى أعضاء المجلس لمفهوم الدولتين؟ وهل النص على الاستناد لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، يعني أن الولايات المتحدة تراجعت عن صفقتها المشؤومة؟ أم أن الولايات المتحدة تعتبر أن صفقة القرن التي سلبت الفلسطينيين كل شيء وهتكت عرض القانون الدولي هي القانون الدولي وهي قرارات الأمم المتحدة؟ ثم لماذا لم يرفض المجلس إذا كان يحترم قراراته الممتدة على مدى عقود من الإعلان الصريح عن رفض صفقة ترامب، التي تفرض على الفلسطينيين قبول الاستسلام دون قيد أو شرط؟ ثم ما قيمة أي قرار إذا كانت الولايات المتحدة قد مارست بالفعل مصادرة حق الفلسطينيين في هذه الدولة المنشودة مسبقا؟ أليس هذا نوع من هروب مجلس الأمن من تحمل مسؤولياته بخصوص القضية الفلسطينية الذي يمثل عدم حلها تهديدا للسلم والأمن الدوليين.