حسام الوحيشي
الآن حرفياً يرسم لي خيالي المريض مشهداً غريباً يتحول فيه القول المأثور في المقطع المرئي “كان تجيبو مذيعة” إلى “كان تجيبو ناقدة”، حيث يجد الشيخ نفسه وجهاً لوجه مع اتصال هاتفي لمخمور على الهواء مباشرة، “كان تجيبو ناقدة” خيال مريض لا يناصر النساء سوى بتاء التأنيث في آخره، احذروا الذهاب بعيداً، أعرف هذا الذهن جيداً، إذا كشفت عنه الغطاء، ستجده جالساً في مدرجات النقد البريء، يشاهد مباراة تقام بلا لاعبين، توقيتها غير محدد، وهدافها حصل على عقد مغري وأصبح موظف علاقات عامة، لاحقاً انضم له كامل الفريق وكادر التدريب، عدد لا بأس به من الجمهور لم يكن استثناء، وتأسف الملعب ومتعلقاته لأن أسباباً لوجستية منعته من الالتحاق.
يواصل خيالي المريض عرض الفيديو، ليختتم من جديد “كان تجيبو ناقدة”، هل يطالب عقلي المعتل بفريدة النقاش مثلاً، أعرف أنها ترفل في خريفها الثمانيني بسلام، ولكنني لا استسيغها لهذه الدرجة، نضغط على الزر فنعود للمدرجات ونشاهدني معاً، سنجدني أتابع هجمة مرتدة في مباراة بلا لاعبين، تصفر الريح في أركانها بدل الحكم الميت، لا أدري كيف تتواصل المشاهد المألوفة، تم إنذاري لسوء السلوك ببطاقة صفراء، ما زلت في مكاني على كرسي من البلاستيك الأزرق في الوسطية، لا يعلو هتاف المشجعين، غير أني أشعر به يخفت أحياناً.
إنه عقلي المريض “كان تجيبو ناقدة”، لماذا؟ هل تريد أن تهون وطأة النقد على الرجال، سيثور عليك الجنس الأقوى ويفتك ذكوراً للنقد وينثرهم على رؤوس الجبال، كي لا يقال انتقدت امرأة صنوتها، هذا مرحب به، أي تلطيف متاح لرأب صدع اختفاء النقد من صفحاتنا المعرفية في ظروف غامضة، ناقد، ناقدة، هذا التدفق الرسمي للهلام على الورق لا يطاق، حملة من قبيل أحبوا نقادكم، السلام النقدي، لا تسيسوا النقد، فزعة نقد، تداول أمثلة مثل: النقد الجميل يعجبك ولو كان في وجهك، انقد ولا تكن نقراز، لا تؤجل نقد اليوم إلى الغد، النقد في الصغر كالعلم على الحجر، الخ…
طهور أيها النقد، أقصد أيها العقل، كنت سأدعو لعقلي المريض بالشفاء فدعمت الدعاء بطبيب عملي يشخص الحالة ويكتب وصفة، كسؤال جانبي غير مهم، لماذا يقولون “تخربيش دجاج” ، الأطباء آلهة التخربيش في العالم الهيروغليفي، من المدرجات إلى الصيدلية، المكان الذي تفك فيه الشفرات السرية بسهولة، تحضر الشك في يدها وتأتي، هل يمكنك أن تقول للثقافة أين النقد في عينها، نعم أستطيع أن أفعل، ولكنها حسب آخر الاستطلاعات العلمية “تسمع من وذنها”، فإن لم تكن قراءة الشفاه هي ما تبقى لها من السمع القديم، أفضل التواصل غير البصري، وشكراً.