منصة الصباح

قال: قاطعوا انتخاب ملكات الجمال

من مقال للكاتبة والروائية: غادة السمان

ثلاثون شابة جميلة نشرت المجلات الفرنسية مؤخراً صورهن بثياب (ورقة التين) أو (البيكيني) المختزل، وعلى صدر كل منهن شريط يشير إلى المقاطعة الفرنسية التي هي ملكة جمالها، وبعدها يتم انتخاب ملكة جمال فرنسا لسنة 2020 في طقوس جمالية ينقلها التلفزيون والمذيع المخضرم جان بيير فوكو، الذي يقوم بتقديمها منذ أعوام طويلة.

إنه الروتين!.. باستثناء ما حدث هذه السنة!..

إذ طالــــب مقدم برنامج يومي ناجح في التلفزيون الفرنسي وإذاعة RTL هو لوران روكيه، النسويات بمقاطعة انتخابات ملكات الجمال قائلاً: «بما أن النساء يطالبن بعدم النظر إليهن كـ(شيء) و(كأداة) ويرفضن الحكم عليهن انطلاقاً من مظهرهن متمردات على الاهتمام بالأكثر جمالاً، لذا أوجه هذا النداء: قاطعوا انتخابات ملكة جمال فرنسا. لم نعد نرغب في هذه الانتخابات. ودعونا نكون منطقيين، على النسويات مقاطعة هذه الانتخابات، وسيكون في ذلك بداية جيدة عقلانياً». هذا ما قاله مقدم البرامج التلفزيونية وصاحب برنامج «الرؤوس الضخمة» في إذاعة RTL الأولى من حيث المستمعين: لوران روكيه.

ومن طرفي، كتبت في بداياتي في دمشق وقبل صدور كتابي الأول ـ أي قبل عدة عقود ـ مقالاً بعنوان «ملكات الجمال وسوق الجواري»، فالمرأة ليست دمية جميلة، بل إنسانة أولاً، وجمالها الحقيقي ينبع من عقلها وسلوكها الإنساني العميق.

وتم في الأعوام الأخيرة انتخاب ملك جمال الرجال أيضاً في فرنسا وأقطار أخرى منها لبنان، ولكن الرجل كما المرأة، مصباح لا يشع إلا بالجمال الداخلي، وهذا ما تعجز عن تصويره كاميرات التلفزيونات.

الجمال ليس صورة و(سنتيمترات)!

فازت واحدة فقط من أصل 30 جميلة فرنسية كل منهن ملكة جمال مقاطعتها..

ولكن من قال حقاً إن ملكة جمال فرنسا هي الأجمل؟

الجمال ليس صورة وبعض المقاييس الجسدية، بل هو ضوء داخلي.. هذا أولاً..

ثم إن دعوة لوران روكيه للمقاطعة تبدو في محلها، ليس لموقف بعض النساء من التحرش بهن أحياناً، بل لأن الجمال ليس ما يراه الناظر، بل ما يتعارف معه فيما بعد..

أما القول بأن فلانة (بشعة) وفلانة (جميلة) فهو قول تجاوزه الزمان.. أما التحرش فهو إهانة لإنسانية المرأة. وشكراً لروكيه الذي تنبه إلى ذلك ونبه بدوره بعض المشتركات في مثل هذه المباريات، ناهيك عن النسويات الفرنسيات.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …