باختصار
د. علي عاشور
يُعرف الإدمان بأنها حالة غير متحكم فيها، تستعبد الشخص ليكون رهينة ما تعود عليه… وعادة ما يرتبط مصطلح الإدمان بمتعاطي المخدرات والخمور و حتى السجائر، بيد أن هناك طائفة ليست بالقليلة من الليبيين مدمنون على أشياء أخرى … وإلا كيف تفسرون انتشار عبارات مثل: متكلماش راه صايم، فلان يرمضن في رمضان، فكك منه راه دايخ، متكلماش إلا بعد الفطور؟…. وغيرها من العبارات الشبيهة التي يكثر تكرارها في شهر الصيام.
فهذا مدمن على القهوة السوداء التي لا يقترب منها السكر، وأخر مدمن على المكياطة من يدي أحد عمال المقهى المجاور، وثالث مدمن على الشاي…. فهل يصل الأمر بالشخص الطبيعي إلى أن يدمن على هذه الأشياء حقاً؟ لدرجة تتغير تصرفاته وأفعاله إذا ما انقطعت عنه بفعل شهر الصيام؟، وإلى درجة أنه يُدخل نفسه في مشاكل لا معنى لها مع أفراد أسرته، وزملاءه وأصدقاءه وجيرانه….. وحتى مع عابري السبيل.
في اعتقادي أن الأمر مبالغ فيه إلى حد كبير، فلا يمكن أن يصل الإدمان على رشفة قهوة إلى هذا الحد، ودون أن يعترف المدمن بأنه مصاب بمرض يجب أن يعرض نفسه على طبيب مختص ليصف له العلاج.
في المقابل، كيف يمكن تفسير تلك المشاكل التي تحدث في شهر رمضان تحديداً على أتفه الأسباب، مع معرفتنا بأن فاعليها أشخاص لا يتعاطون المخدرات ولا المشروبات الكحولية ولا حتى السجائر؟ وإذا ما تساءلت عن الأسباب، يجيبونك: بأن فلان مرمضن… أو أن فلان صايم..
الأمر حقاً يحتاج إلى دراسة حقلية، وأخذ عينات من هؤلاء الذين تتغير تصرفاتهم باتجاه العدوانية بداية أول أيام شهر القرآن.
أصبحت أجزم أنها حالة نفسية يعيشها هؤلاء، يساهم في تعزيزها لديهم بعض المقربين منهم، وذلك بنشر إشاعات قبيل انطلاق هذا الشهر الكريم حول ذاك الشخص (المدمن نفسياً)، بأنه عصبي في شهر رمضان، وأنه مدمن كذا….. وكذا…وكذا…. وعندما يسمعها يصدقها على نفسه، رغم أنه في الواقع بعيد كل البعد عن كل ما قيل فيه.