منصة الصباح

رجل الصحافة العربية

رجل الصحافة العربية

فتحية الجديدي

هل غلبت المهنة على العاطفة ؟ سؤال أجاب عنه الصحفي العربي  الفلسطيني من قطاع غزة «وائل دحدوح»، مراسل قناة الجزيرة الفضائية، الذي يمارس عمله الصحفي، من قلب الحدث خلال هذه الفترة لتغطية الوقائع المؤلمة التي تمر بها غزة.

فبالرغم من  استشهاد 12 من أفراد عائلته، بينهم زوجته وأطفاله بعد استهداف منزله،  إلا أنه استمر بعمله وتأدية رسالته، وغطت مهنيته على إحساسه ومشاعره، وضع حزنه وحزن شعبه جانباً، نسي لبرهة فقده أبنائه – أو لنقل أغلق عليه قلبه ومضى في عمله، إيماناً بأن ما يقدمه رسالة لا تقتضي الانسحاب ولا يجدر بها التراجع.

هنا وجب أن نطرح على أنفسنا سؤالاً مفاده : هل الصحفي قادر أن يفصل بين عاطفته وعمله ؟! إجابة من المفترض أن نعرفها نحن أصحاب هذه المهنة الجليلة ، عندما نتولى هذه المهمة الصعبة ونكون صنَاع الحقيقة ، فمن يكون قادراً على كتم مشاعره والتغاضي عن مصائبه وهو يقف تحت القصف وينقل الصور بكل مصداقية ودقة  ، حينها يكون الصحفي الإنسان حقيق بتحمل هذه المسؤولية الجمة.

سأل «الدحدوح» عندما أبلغوه بمصابه وهو بالمستشفى : من تبقى من أفراد أسرتي ؟ وأكد بأنه لم يرهم منذ أول يوم بالحرب، واكتفى بالتواصل معهم بالهاتف ، وتحدث عن تفاصيل آخر مكالمة بينه وبين زوجته قبيل استشهادها التي قالت فيها  «أريد الموت معك».

“الدحدوح» التزم بمعايير الصحافة ومثَل الصحافة بكل أخلاقياتها، متخذًا لاقط الصوت أداته ليوصل صوته المحمل بالآلام إلى الناس عبر مؤسسته، ولعب دورًا مهمًا في بالساحة الإعلامية كمراسل حرب وصحفي من منطقة القتال، وهو يشاهد العشرات والمئات من الضحايا، وهو موجود تحت القصف.

كان وجعه أكبر من مهنته، لكن كان وطنه أغلى من وجعه ، وكل الصور على منصات التواصل الاجتماعي تناولت هذه الشخصية بما حملته من قوة ورباطة جأش داعًيا أن تنتهي الحرب والنصر القريب ولو كان الموت أخذ قلبه كأب وزوج ، وظل «الدحدوح» مثالًا لرجل الصحافة العربية  2023.

شاهد أيضاً

ثلاثة في أسبوع واحد

أحلام محمد الكميشي   كنت أنوي الكتابة عن مصرفنا المركزي المترنح وحقولنا النفطية المغلقة وسياستنا …