منصة الصباح

مَشَاجَب

جمعة بوكليب

تولت أمي رحمها الله مهمة اختيار أحجام المسامير وأماكن تثبيتها على جدران غرفتنا المؤجرة، لتعلق عليها ملابسنا، وأشياء منزلية أخرى.

أحكمتْ أمي بمسامير حبلاً رفيعاً متيناً، قريباً من سقف الغرفة، فوق السدّة، من الحد إلى الحد. في سوق باب الجديد، وسوق باب الحرّية، رأيتُ مشاجب تباع، مصنوعة من خشب مصقول، مستطيلة الشكل. شدّني جمالها.

أتذكر أول مشجب اشتريته وتبثّه بمسمارين وراء باب غرفتي. حين صارت لي غرفة خاصة بي في بيت جديد، بها نافذة واسعة، تطلُّ على شارع مُسفلت، ليست بعيدة عن البحر.

لم أفرح بها طويلاً. على جدران زنزانة السجن، اجتهدت في نسخ سيرة أمي في علاقتها بتثبيت المسامير على جدران. جدران السجون سميكة، صلدة، عدائية. صُممت لتكون عازلاً بين السجناء والحياة.

في وقت ما، ليس بالبعيد، إثر عودتي من رحلة سفر قصيرة، فوجئت بمشجب معدني، أقرب إلى السواد، جاثماً في زاوية من غرفة نومي. لم يسبق لي أن رأيته من قبل. يقف مسنوداً على أربعة قوائم معدنية. يشبه أعمدة إضاءة الشوارع.

في وسطه، وفي أعلاه، تتفرع منه ثمانية معاليق منحنية، ممّا أتاح لي فرصة استخدامه في تعليق ما خسرتُ من رهانات في الحياة.

كل صباح، قبل خروجي من البيت، أحرص على تعليق قلبي، على ذلك المشجب المعدني الأسود، وأغادر وحيداً، آملاً العثور على بقعة، مضيئة دافئة، في قلبٍ ما يزال غضّاً، يقبل، مؤقتاً، استضافة عابر سبيل!

شاهد أيضاً

استئناف الرحلات الجوية بين روما وبنغازي يونيو المقبل

قالت وكالة الأنباء الايطالية “نوفا”، إن من المحتمل استئناف الخطوط الجوية الإيطالية رحلاتها المباشرة بين …