وجه مصرف ليبيا المركزي خطابا إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة للرد على ما ورد في كلمته بشأن تقرير المركزي.
وقال المصرف في بيانه إن ليبيا ورثت عبر عقود اقتصاداً ربعيّاً يعتمد على مصدر واحد للدخل وهو النفط والغاز تشكل الصادرات منه 96 % ويمول 95% من ميزانية الدولة، محذرا من احتمالية تعرض الاقتصاد الليبي لصدمتين، أولاهما تغير الأسعار في الأسواق العالمية، وثانيهما الإقفال التعسفي لإنتاج وتصدير النفط والذي بدأ منذ سنة 2013 وكان آخرها في يناير 2024.
استقرار نسبي
وأشار المركزي في خطابه إلى أن السياسات والإجراءات التي قام بها المصرف في يناير 2021 وأهمها تخفيض قيمة الدينار الليبي كان نتيجة لمعالجة الاختلال في السياسات المالية والاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، مؤكدًا أن إجراءات المصرف أدت إلى تحقيق استقرار نسبي وتحقيق فائض في ميزان المدفوعات وفي الميزانية العامة وكان المؤمل أن تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات وإصلاحات مصاحبة تحافظ على قيمة الدينار.
وأضاف المصرف المركزي أن الحكومة لم تتخذ إجراءات تصحيحية للسياسات المالية والتجارية بل اتخذت إجراءات عكسية تمثلت في التوسع في الإنفاق العام، والتوسع في زيادة المرتبات التي تجاوزت 65 مليار دينار، والتوسع في بنود الدعم والمنح والإعانات وعدم اتخاذ أية إجراءات المعالجة بنود الدعم خصوصا دعم المحروقات والاستمرار في زيادة عدد العاملين في الجهاز الاداري الذي بلغ مستوى 2.2 مليون موظف مشكلا نسبة تتجاوز 31% من عدد السكان وهي الأعلى في العالم، واتجاه سوق العمل للقطاع العام بسبب زيادة المرتبات، مما أضعف دور القطاع الخاص في استقطاب الباحثين عن العمل وأجهض جهود المصرف وأهدر نتائجها وأثر على قدرة المصرف المركزي على المحافظة على استقرار سعر الصرف وقيمة الدينار
ورأى المصرف المركزي أن الحكومة والحكومات السابقة لم تقم بتقديم أي رؤية اقتصادية للعمل على تنويع مصادر الدخل ولم يتم تقديم أية برامج إصلاح وإجراءات تعزز النمو الاقتصادي، مبينا أن الاستمرار في التوسع غير المدروس في الإنفاق العام، يُهدّد الاستدامة المالية للدولة ويولد مزيدا من الضغوط على سعر الصرف والمستوى العام للأسعار ويفاقم معدلات التضخم وأسهم في تنامي عرض النقود بأكثر من 30 مليار دينار سنة 2023 حتى بلغ 160 مليار دينار ارتفع معه الطلب على النقد الأجنبي.
النقد الأجنبي
ولفت الخطاب إلى أن الحكومة لم تشر إلى أن إجمالي الإنفاق المتوقع خلال سنة 2024 يزيد عن 165 مليار دينار جله إنفاق استهلاكي وإجمالي الإيرادات المتوقعة 120 مليار دينار منها 5 مليار دينار إيرادات سيادية أخرى ومبلغ 115 مليار دينار، كما أن هناك تراجع في الإيرادات النفطية حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط مقارنة بالسنوات الماضية، لافتة إلى مراسلة رئيس المؤسسة بشأن استنزاف مصروفات دعم الطاقة نصف الإيرادات النفطية وهذا يعكس خلل وتشوه يتطلب معالجة فورية.
وأوضح المصرف المركزي أن العجز المتوقع في الإنفاق العام في ظل الوضع الراهن حوالي يبلغ 45 مليار دينار، منوهة إلى أن احتياجات الاقتصاد الليبي من النقد الأجنبي خلال سنة 2024 تقدر بحوالي 36 مليار دولار والعجز المتوقع في إيرادات النقد الأجنبي حوالي 11 مليار دولار.
وبيّن المصرف أن 41 مليار دينار فاتورة استيراد المحروقات في 2022 و 41 مليار دينار في 2023 وهو يفوق احتياج الاقتصاد الوطني ويؤكد أن جزءاً كبيراً يتم تهريبه
وعرج خطاب المركزي على مسألة معالجة العجز في ميزان المدفوعات لا يتأتى إلا باستخدام احتياطيات الدولة، وهذا لا يكون بإجراء أحادي في حال الاضطرار له وضمن حزمة إجراءات تجنباً لوقوع عجز مستدام، منوها إلى أن الاحتياطي العام من النقد الأجنبي “الاحتياطي الحز السائل” حوالي 29 مليار دولار وهو لا يصمد أمام احتياجات الاقتصاد الليبي.
ونفى الخطاب تصغير أو تسوية الدين العام، مؤكدا أنه لم تجر أية تسوية للدين العام حتى الآن ولازال ظاهراً في سجلات المصرف بند قروض وسلفيات للخزانة العامة بإجمالي 84 مليار دينار.
وبرر المركزي فرض الرسوم على مبيعات النقد الأجنبي بأنه إجراء اضطر إليه المصرف للتحكم في السوق الموازي وهو إجراء مؤقت في ظل غياب أية إجراءات إصلاحية من الحكومة، داعيا إلى إقرار ميزانية موحدة وإيقاف الإنفاق الموازي المجهول المصدر والكمية وترشيد الإنفاق ومعالجة موضوع الدعم ووضع رؤية اقتصادية شاملة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاع الخاص وتخفيض الاعتماد على الواردات الخارجية في توفير السلع للاقتصاد الليبي
كما دعا المركزي لزيادة إنتاج النفط وتصديره وأن تكون أولوية الإنفاق للاستثمار في التنمية الشاملة وضبط المنافذ للحد من ظاهرة التهريب ومحاربة الفساد.