تواصل
بقلم /محمد الفيتوري
عندما تهيمن أصوات المدافع على مختلف الأصقاع تتوارى أصوات العقل والحكمة بعيداً عن المشهد وتكون الحرب التي لا تحمد نتائجها مادياً وبشرياً حيث يسقط الأبرياء المدنيون وتدمر الممتلكات وتنهب الارزاق وتتوقف مظاهر الحياة العامة برمتها بفعل اندلاع الحروب والصراعات مما يعني ذلك أن الظروف المعيشية سوف تتحول إلى الأسوأ حتى يضطر الكثيرون إلى المغادرة والنزوح هرباً من عواقب وخيمة قد تطالهم إذا ما ظلوا في مدنهم وقراهم التي في مرمى نيران المدافع والصواريخ.الحديث عن القانون الدولي الإنساني عند اندلاع الحروب والصراعات سواء إن كانت ذات طابع أهلي أو اقليمي أو دولي لا معنى له وليس له أهمية البتة لأن النيران لاتفرق بين ما هو مدني سواء أن كان طفلاً أو امرأة أو شيخاً أو ما بين الجندي الذي يقاتل فالكل سواء أمام القصف العشوائي الأعمى لهذا يفقد القانون الدولي الأنساني أي مراعاة له ومن تم تتعاظم الخسائر البشرية والمادية وتزداد فواتير الحروب والصراعات فضاعة والشواهد الكثيرة من حولنا في حروب ونزاعات شهدتها العشرية الماضية من هذا القرن الذي كنا نمنى النفس فيه بالحياة الكريمة وبالأمن والأمان والاستقرار والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب والمجتمعات لكن ذهبت تلك الأماني أدراج الرياح واتضحت الحقيقة المؤلمة التي مفادها أن الأمم والشعوب بل والأنظمة السياسية لم تتعظ من دروس الماضي ونسيت ما ترتب من الآلام ومعاناة للبشرية جراء الحروب التي شهدتها حقبة القرن الماضي لقد عادت المشاهد الدموية ذاتها التي نراها في الأفلام الوثائقية من قتل ودمار وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني الذي اصبح حبراً على ورق آزاء ما يرتكب من جرائم فضيعة في حقه ونحن على أبواب العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين «يبدو أن التاريح يعيد نفسه» لنا نفس المآسي والويلات التي عاشتها الانسانية قبل أكثر من مائة عام مضت !!!ومادام الحديث عن القانون الدولي الأنساني فلابد من التعريف به والوقوف امام ذلالات صياغته وضرورية الأخذ ببنوده فهو يتضمن مجموعة من القواعد والضوابط التي هدفها الحد من تأثير النزاعات المسلحة وحماية الاشخاص الذين لا يشاركون في القتال كالمدنيين من مختلف الشرائح كما يهدف هذا القانون إلى الحد من الوسائل المستخدمة في النزاع بغية تخفيف الخسائر البشرية والمادية المترتبة عن هذا النزاع ويستند القانون الدولي الانساني إلى مجموعة من الاتفاقيات والنصوص المكتوبة والعرفية منها كاتفاقية جنيف الموقعة عام 1949 والتي انبثقت عنها اتفاقية جنيف الثانية المعنية بحماية الجرحى والمرضى والغرقى في صفوف الجيوش في البحار واتفاقية جنيف الثالثة المعنية بأسرى الحرب واتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية السكان وبعد ذلك تم استكمال المسار القانوني الذي بدأ في جنيف عام 1949 بابرام اتفاقية لاهاي عام 1954 والتي نصت على حماية الأملاك والمنشآت ذات الطبيعة المدنية واتفافية أخرى أبرمت عام 1972 تحظر استخدام الأسلحة البيولوجية وبالنظر إلى ما نراه الآن في العالم ومن حولنا فإن القانون الدولي الأنساني يواجه تحديات كثيرة بسبب اندلاع الحروب والنزاعات رغم أن دولاً كثيرة وقعت على اتفاقيات جنيف سالفة الذكر وملحقاتها إلا أن الحروب ظلت تسبب المآسي والويلات للمدنيين الذين يشكلون في حالات كثيرة أغلب ضحايا النزاعات المسلحة !!!غويتريش الأمين العام للأمم المتحدة اقترح مؤخراً ثلاثة اجراءات لتعزيز حماية المدنيين في النزاعات المسلحة تتضمن أولاً وضع اطر سياسة وطنية تنشئ سلطات ومسئوليات واضحة لحماية المدنيين.وثانياً المشاركة المبدئية والمستدامة من جانب المنظمات الانسانية ومع أطراف النزاع بشأن وصول المساعدات الانسانية على نحو آمن وتعزيز الاقتتال للقانون والالتحام إلية.ثالثاً ضمان المسألة عن الانتهاكات الجسيمة مع التأكيد على الحاجة الملحة للعمل من اجل الاقتتال لقواعد وقوانين الحروب هكذا قدم الأمين العام للأمم المتحدة مقترحاته بشأن حماية المدنيين في الحروب والنزاعات ولكن هل تتبلور هذه المقترحات على أرض الواقع .. هذا هو السؤال الذي يجدر بنا طرحه ونحن نرى بأم أعيينا في أكثر من حرب أو صراع كيف يدفع المدنيين الابرياء الثمن باهضاً في هذه الحروب فهم يقتلون ويهجرون وتدمر ممتلكاتهم وتنهب أرزاقهم وليظل الحديث عن حمايتهم لا معنى له رغم القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف التي ظلت حبراً على ورق ولا قيمة لها في نظر الأطراف المتحاربة لهذا نتساءل القانون الدولي الانساني إلى أين ?!!