رائدات الزمن الصعب 2
منصور بوشناف
لقد ظل الرسم والتلوين والتزيين والرقش على اسطح تلك الصناعات الحرفية يصور على سطح مفتوح و لايتقيد بالمنظور الواقعي للكون , ولا يتقيد بالتالي بالتناظر ولا التقابل ولا التوازي البصري , كان التناغم البصري المتعة البصرية والجمالية التي يهدف منها لاغواء المستهلك لاقتناء السلعة , فتجد على سطح النسيج غزالا فوق الشجرة ويدا بشرية اكبر من الغزال , وكل تلك العناصر او المكونات او الايقونات منثورة كارتجال عازف “جاز” , كل هذا يظهر في تلك الاعمال التزيينية للسلع على نحو متناثر لا اطار له .
اللوحة الاوروبية ليست الا شباكا يفتحه لنا الرسام على الحياة والطبيعة , على الملائكة والشياطين , على كل عناصر وتاريخ الكون والحياة , كلها تظهر لنا مأطرة بشباك , فرغم تنوع التجارب الا ان اللوحة الاوروبية ثم العالمية ليست الاشباكا نطل منه على عناصر اللوحة .عكس اللوحة الشرقية “اليابانية والصينية والهندية التي تتشابه مع اعمال تزيين حرفيينا ونساجاتنا الليبين والليبيات .
اذن الرائد الليببي متأترا بالتأطير الاوروبي للعالم في العصر الاستعماري انتقل عمليا من سطح السلع المفتوح الى اطار الشباك , الى اللوحة المنفصلة عن السلعة والى العمل الجمالي بدل العمل الحرفي المنتج لسلع الاستخدام اليومي .
انفصال العمل الفني عن سطح سلعة الاستعمال اليومي وانفصال الفنان عن الحرفي والذي تم وكما اشرت في فترة الاستعمار الايطالي لم يشمل النساء رغم ارثهن في الرسم والتزيين المرتبط بالحرف وانتاج السلع ,وبالطبع لم يشمل الا عدد ضيئل من الليبيين من الرجال الذين اتيحت لهم فرص التعليم والاطلاع وبالتالي القابلية للتأطير
التأطير وهو ركن مهم للتحديث الاجتماعي لم ينجح فيه الايطاليون بشكل كبير كما نجح مستعمرون اخرون في بلدان اخرى , ربما لم يكن من اهدافهم الاساسية من الاحتلال “تحديث المجتمع الليبي” كما ظلوا يدعون .