منصة الصباح

وتعاوَنوا

وتعاوَنوا

عبدالقادر العيساوي

كثيرة هى المنظمات والجمعيات والتحالفات التى تضم العديد من الدول يجري التنسيق والتعاون بينها فى أوقات السلم والحرب، تؤدّي بعضُها خدماتٍ جليلة لمنتسبيها، ويتم التعاون بينها على أوسع نطاق، بينما ظل التعاون بين بعضها يكاد ينعدم، وتلاشت بعضها من الوجود كحلف وارسو، الذى انهار بعد تفكّك الاتحاد السوفيتي، وانظم بعضُ دوله إلى حلف الأطلسي.

وإذا نظرنا إلى واقعنا كدول عربية وإسلاميّة نجد بعض المنظمات التى قامت من أجل التنسيق والتعاون فيما بينها، كجامعة الدول العربيّة، التى تأسست سنة 1945 م وتضم 22 دولة عربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي التى تأسست سنة 1969 م وتضمّ 57 دولة عربية وإسلاميّة، والتى صارت تعرف باسم منظمة التعاون الإسلامى، وتُعدّ ثانى أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وتُوصَف بأنّها (الصوت الجماعى للعالم الإسلاميّ) وغيرها من منظمات التعاون الإسلاميّ لا زال التعاون بينها فى مراحله الأولى، ولم يصل بعد إلى المؤمّل المنشود.

وإذا كانت الرابطة الذى تربطنا كدول عربيّة أو إسلاميّة هى العقيدة التى تدعو معتنقيها إلى التعاون والتكافل والمحبة بين أفرادها، دعت إلى ذلك العديد من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة الشريفة، فجعلت منهم أمّة واحدة بعدما كانوا مشتّتين متفرّقين، فصارالجميع إخوة متحابّين، وبرباط الدين متمسّكين.

تشغل الدول العربيّة والإسلاميّة رقعة واسعة من قارّتي أفريقيا وآسيا، ويسكنها ما يزيد على أربعمائة وثلاثين مليون عربي، وأكثر من ألفي مليون مسلم، وقطعت بعض دوله شوطًا كبيرًا فى ميادين العلم والصناعة والتكنولوجيا، وأودع الله فى تلك الرقعة المترامية الأطراف من الخيرات الشئ الكثير متمثلا بالأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة والأنهار والمعادن المتنوعة من نفط وغاز وحديد ونحاس . . . الخ

ورغم الروابط القويّة والمتينة التى تربط تلك الشعوب فإنّ التعاون والتكامل بينها لا يزال فى مراحله الأولى، فبينما بعض دوله يُعدّ دخله اليوميّ بالمليارات يستثمرها فى بلاد الغرب، نجد بعض دوله تعانى من المجاعة والفقر المدقع، الذي يتجاوز الأربعين فى المائة، وبينما أنفقت دولة واحدة فى تسعة أشهر ما يزيد على ثلاثين مليار ريال على السياحة، وأخرى يدفع ناد رياضيّ فيها للاعب كرة قدم مائتي مليون دولار فى العام، فإنّ مئات الآلاف من الأطفال قى أقطار أخر لم يتمكّنوا من الدخول إلى المدارس، نظرا للأزمات التى مرتّ بها دولهم فى السنوات الأخيرة، ولا نجاوز الحقيقة إذا قلنا أن بعضهم اضطر لبيع أبنائه لقاء دولارات معدودة؛ لينفق على باقى أفراد أسرته. كما أنّ بعض الدول المتجاورة حدودها مغلقة لعشرات السنين، وتقصف طائرات بعض الدول ومدفعيّتها أراضى جيرانها، وتعتدي على حرمة أراضيها، وترتكب أفضع الجرائم ضدّ إخوتها فى الجِوار والدين.

فيا تُرَى لو كان هناك تعاون وتكامل بين دولنا، التى تمتلك الأراضى الخصبة الشاشعة والأنهار الجارية، ورؤوس الأموال الوفيرة، إضافة إلى وفرة الأيدي العاملة نتأثر بأزمة الغذاء العالمية التى حدثت بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ولو أنّنا وظفنا ملياراتنا داخل حدودنا وعلى شعوبنا لا شكّ أنّه سيكون حالنا غير هذا الحال، وبلداننا وشعوبنا فى أحسن الأحوال.

شاهد أيضاً

حكايتان (2)

زكريا العنقودي   1-رحم المنامات !!   لم يعش سوى لحظات..لكن بكاه الجميع ، وحين …