المنظومة القيمية وعوائق التنمية في المجتمع الليبي
أقام مجمع اللغة العربية بمقره في طرابلس صباح امس السبت محاضرة حملت عنوان (المنظومة القيمية وعوائق التنمية في المجتمع الليبي) بإلقاء من الدكتور علي محمد رحومة وأدارة للجلسة من قبل الدكتور محمد مصطفى ابن الحاج نائب رئيس المجمع.
بدوره أكد الدكتور رحومة على أن عملية التنمية تعد انتقالا بالمجتمع البشري من المستوى الأدنى إلى المستوى الأرقى في المعيشة وسبل الحياة المجتمعية، وهي بالتالي تتخطى الحواجز الاقتصادية المادية فتشمل ميادين الثقافة والفكر والعلم، والتصورات الإنسانية المتقدمة كافة، وتحديدا ما يُعرف حديثا بالتنمية البشرية والتنمية المستدامة ضمن أطر التنمية الوطنية الشاملة.
كما أوضح رحومة بأن قضية التنمية المنشودة لاسيما في المجتمع المحلي الليبي تقتضي بذل جهود هائلة وكبيرة للدفع بالمجتمع نحو عالم الحداثة الرقمية الحالي باعتبارها أقصى ما وصل إليه العالم اليوم من تقدم ونمو حضاري كبير واستطرد قائلا: أحد أبرز المظاهر المجتمعية لما بعد الحداثة المتوالدة أو ما بعد التكنولوجية في تطوراتها المتلاحقة المتداخلة التي بدورها تمثل الكائن البشري في أرقى ملامحه الحياتية الحاضرة.
ويضيف الدكتور رحومة بأن الفرد اليوم أصبح يفكر كونيا ويتصرف محليا ما يعني بأن المجتمع الإنساني المعاصر له تفكيره المعياري الحصاري الذي ينمذجه شكلا ومضمونا.
بينما أكد رحومة إن عصر اليوم أصبحت التنمية الحقيقية فيه جهود التحول إلى المعلوماتية المتطورة قلبا وقالبا بغض النظر عن مفاهيم المعلوماتية المتداخلة وأن المجتمع البشري اليوم أصبح هو أيضا مجتمع المعرفة، واقتصاده اقتصاد المعرفة، وإدارة مؤسساته إدارة المعرفة وأن هناك منظومة قيمية قد أفرزها هذا المجتمع الإنساني المتقدم الذي لا يمكنه بلوغ مرحلته التطورية إلا بتبني هذه القيم وتجسيدها من خلال التطور الاجتماعي الطبيعي والمنذمج في ذات الوقت داعيا إلى ضرورة تبني التخطيط الواعي والناضج في مجتمعنا الليبي وفحص القيم المعيقة للتنمية المطلوبة وتشخيصها، ومن ثم معالجتها وإصلاحها وبناء نموذج قيمي فعّال.
في حين عرج الدكتور رحومة إلى مبادئ إقامة مجتمع المعرفة المعتمدة لدى منظمة اليونسكو التي تتمثل في أربعة مبادئ أساسية وهي حرية التعبير، ومراعاة التنوع الثقافي والوصول المتساوي للتعليم والثقافة والوصول الكوني للمعلومات مضيفا أنه من الناحية العملية فإن مجتمع المعرفة ينهض على بنية معلوماتية متماسكة تحددها هيكلية حركية علمية وتكنولوجية متكاملة العناصر الآلية والبشرية،ويتعلق أمرها بمعرفة قياسات ومؤشرات محددة بشأن الأفراد الفاعلين في تطوير المجتمع.
في ختام محاضرته توصل ارحومة إلى أن المجتمع الليبي لكي يتسنى له تحقيق التنمية العصرية المطلوبة وينبغي عليه أولا تصغير الفجوات المزمنة في منظومته القيمية التي تحول بينه وبين تقدمه بدءا من إصلاح مؤسسات التنشئة والتربية الاجتماعية من تأهيل وتعليم وتدريب فضلا عن مد جسور التعاون مع ذوي الخبرة العالمية والتواصل العلمي والمعرفي والتقني مع الآخر المتقدم في ضوء قيمنا الإيجابية الأصيلة وانفتاحا على قيم العصر المُحفّزة للتقدم والإزدهار الحضاري خاصة قيم الحرية والعقل والعلم والعمل الجاد والمهنية.