أم كلثوم الفرجاني
الكذب من أبشع العيوب والجرائم.. ومصدر من مصادر الآثام والشرور، وهو صفة ذمتها ورفضتها كل الشعوب والحضارات والمِللْ والنِحَلْ والديانات.. إلا أنه ما زال ينخر كالسوس في التركيب الاجتماعي للبشرية، بل ويزداد حضوره.. ويكثر استخدامه، فكلما تقدمت المدنية تأخرت القيم.. هي معادلة طردية عكسية.
أنانية الكذب
الكذب بمعناه الأخلاقي يمثل انحدارا سحيقاً في ثقافة الناس، والكذابون ما هم إلا جراثيم تفتك بالمجتمع.. وتؤدي به إلى مهالك لا قرار لها.. ومعاول هدم تقضي على بناء الأمة.. وهو خيانة لا تقل في خطورتها عن الخيانة في سرقة الأموال.. جريمة كبرى ترتقي لأن توضع في خانة الجنايات التي يُعاقب عليها القانون، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:” كبرت خيانة أن تُحدث أخاك بحديث هو لك مصدّق.. وأنت له به كاذب”، فالكذب بكل بساطة هو أن تقول شيئاً لم يحدث.. أن تزيّف أصل الصورة.. أن تُلمّع الحقيقة ببعض المساحيق حسب الصورة التي تريد أن ترى فيها نفسك.
أنانية الكذب
هو هكذا الكذب يبدأ بالتجميل.. بكذبة صغيرة يسمونها بيضاء، لكنها ما تلبث أن تكبر وتسَود.. فالكذب ليس صفة واحدة، بل منظومة من السلوكيات يدخل في إطارها التزييف.. التزوير.. المبالغة.. التدليس والتسويغ.. الخداع.. والوهم والنصب والاحتيال..
فكل كذبة تجر وراءها سيلا من التحريف والتزوير..
هناك دائماً شعرة فارقة.. خيط رفيع.. بين المعاني.. عندها دائماً يدور الجدل والنقاش..
هي تلك الشعرة.. وذاك الخيط الذي من السهل عندها تحميل الكلمات عديدة المعاني والدلالات..
والكذب أو المجاملة من تلكم الكلمات التي أضلت طريق المعنى الصحيح.. وشابها اللبس في الدلالة.
أنا لا أكذب ولكني أتجمّل.. هو مبدأ قد يعتبره البعض أمراً عادياً طبيعياً، بل وأيضا ضروريا لكي يكتسب إعجاب واحترام الآخرين، وقد يعتبره البعض كذب ونفاق وخداع ايضا من هذا الخلط والجدال نطرح الأسئلة التالية:
– هل تعتبر المجاملة كذب؟
– هل المجاملة نفاق
اجتماعي أم أسلوب دبلوماسي؟