منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
فوزي البشتي
كانت الركائز النقدية غير صحيحة حول قصيدة النثر ، وأن كانت البداية الحوارية نفسها مقبولة حول قصيدة النثر ، وعدم الصحة هو الذي طرح هذه القضية على أساس مغلوط ، حيث تم طرح سؤال يتجاهل الواقع وهو : هل قصيدة النثر نوع إبداعي حاضر بالفعل ، ام هي مجرد وهم يخايل المبدعين ؟ لذا فأن تعديل السؤال أمر تفرضه الحقيقة الابداعية حيث يكون المطلوب فحص الخواص النوعية الفارقة التي تعطي قصيدة النثر خصوصيتها المغايرة لسواها من أجناس القول، والعجب أن معظم الحوار قد تغاضى عن مرحلة النشأة في العالم العربي عموما وأتكأ اتكاء كاملا على لحظة الحاضر وهذا التغاضي هو الذي جعل الحوار مغلوطا –كما قلنا – ، أذ أن قصيدة النثر أصبحت حقيقة فرضت نفسها على الخطاب الأدبي ، ولا نجاوز الحقيقة أذا قلنا أنها أصبحت صاحبة السيادة فيما ينشر مفردا او ما يطبع على شكل دواوين ، برغم أنها تكاد تكون محاصر من جمهرة التفعيلين أولا ومن جمهرة النقاد ثانيا ، وبرغم أن هذا الحصار يمكن أن يكون نابعا من طبيعتها الإبداعية بوصفها نوعا نافرا عن الشفاهة وغير قابل للتلقي العاجل السريع واحتياجاتها إلى قدر وافد من القراءة المتأنية المتأملة إلى تتابع الطموح والاعماق والخارج والداخل ، فلا فرق بين السطح والعمق ولا فرق فيها بين داخلها وخارجها فالعلاقة الجدلية بينهما لا تعطي لطرف اهمية على الطرف الآخر .
لقد تفجر الحوار بفاعلية اشارة صريحة لواحد من كبار الشعراء هو أحمد عبد المعطي الحجازي والاشارة في مجملها تكاد تكون اشارة هجائية ، وقد أخذت أهميتها البالغة لأن مصدرها له هذه الاهمية ، ومن ثم سارع مبدعو قصيدة النثر لمواجهة هذه الاشارة ممتلئة بكثير من الخشونة ،بل ربما تجاوزت الخشونة إلى القسوة الجارحة ، وهو الأمر الذي نرفضه تماما ، لأن الاختلاف في الرأي يجب أن يظل في إطار احترام الرأي الآخر ومواجهته مواجهة منهجية بالرأي الذي يؤسس لفكرا ، وأن يستحضر الجميع مقولة الأمام الشافعي رأي صواب يحتمل الخطأ ورأيك الخطأ يحتمل الصواب .
اللافت في هذه المعركة الحوارية أن الذين اقدموا على المشاركة كان معظمهم من المبدعين ، بينما احجم النقاد الا نفراً بالرغم أن منطق الامور كان يحتاج إلى تعديل المواقع ، على معنى غلبة المشاركة للنقاد وأن يحجم المبدعون لأنهم متهمون بالدفاع عن النفس حقا او باطلا ، لكن الذي حدث أن معظم الجلبة كانت من المبدعين وارتفعت اصواتهم ارتفاعا هائلا دفاعا عن النفس .
” يتبع”
