منصة الصباح

النحاتة العراقية عاتكة الخزرجي… منذ بداياتي الفنية أبحث عن خامات وأسلوب يعبر عني لا أكثر

حاورها : عبدالحكيم كشاد

عاتكة الخزرجي رسامة و نحاتة عراقية ، ولأن رسوماتها تميل صوب تقنيات النحت ، بنت خيمتها في عوالمه، وحفرت أسمها في المشهد العراقي والعربي ، وأبدت منحوتات تعبر عنها ، وعن انتمائها لمجتمعها ووطنها وحضارتها .

بالإضافة إلى الخامات المتعارف عليها من خشب وحجر وبرونز ، تستخدم هذه النحاتة ألياف الأشجار، وهذا يعني الولع بعناصر الطبيعة والبحث الدائم عن التجدد ، كما تعشق الطيور ليس في صورتها الواقعية ، بل تسمو بها إلى سقوف المجاز ، حول تجربتها في النحت كان لنا معها هذا اللقاء:

هل يمكن الإطلالة عن البدايات ، من الذي أخذت إلى النحت ، ومن أغراك به؟

ولدت وسط عائلي محب للثقافة والفنون ,وقد أثار انتباههم ولعي بالرسم والنحت ومنذ نعومة أظافري بتكويناتي ومخلوقاتي الغرائبية من الطين وقوالب الصابون، فكان دعمهم وتشجيعهم لي دافعا قويا للاستمرار والتعبير عن ذاتي من خلال النحت والرسم ,وقد أثار اهتمامي وأنا في الثانية عشر من العمر حوارا مع فنانة المانية اثناء زيارتها للعراق حين قالت )العراق بلد عريق في الرسم والنحت ولكني لم أجد نحاتة عراقية (فكان هذا الحوار أحد الدوافع القوية بالنسبة لي لتطوير نفسي وطرح نتاجي الفني وعندما برزت نهاية التسعينيات فعلا كنت الوحيدة في معارض النحت مع نحاتين كبار من الرجال.

أخبرينا شيئا عن عاداتك في النحت ؟

النحت هو غذائي الروحي ولغتي التي أتعامل بها مع البشر، فعندما ابدأ بتنفيذ منحوتة أشعر أنها جزء مني، وعند إنجازها  أشعر بالتكامل معها ، واشتاق لأعمالي المقتناة كجسد فقد جزء منه، فلا هو يستطيع استعادته ولا يستطيع نسيانه سواء كان العمل بارتفاع عدة أمتار أو حتى عندما لا يتجاوز عدة سنتمترات

كيف توظفين التراث العراقي ، وأنت تعيشين في أحضان إرث ثقافي واسع؟

إن كل فنان يتأثر بتراث وموروث بلده وإن لم يقصد ذلك ، وأنا أشعر بانتمائي للتراث من خلال خاماتي المستخدمة ،وأشكالي المركبة التي تمزج تاريخ الحضارات التي نشأت في بلاد الرافدين.

هل راودك شعور يوما بأنك تختلفين عن النحاتين الآخرين ؟

الاختلاف ليس هدفا بحد ذاته لكنه جزء مهم من تكوين الفنان الحقيقي ، فأنا أجسد مشاعري وأحاسيسي وفق إدراكي الفكري والمعرفي وخبراتي السابقة ، ليتكون بصورة غير مقصودة منجزا فنيا خاصا بي يجده الآخرون مختلفا ، فأنا ومنذ بداياتي الفنية أبحث عن خامات وأسلوب يعبر عني لا أكثر.

عاتكة ، رسامة ، ونحاتة، فأين نجدك تبنين خيمتك وتستريحين ؟

بدأت الرسم والنحت في آن واحد ، ولكني أشعر بان رسومي تميل لتقنيات النحت من حيث تجريب مواد  للرسم واستخدام الألوان الفضية والذهبية ، وبروزها لتبدو كعمل نحتي بارز وعند استخدامي ألوان متنوعة أحاول جعل الشكل الملون يتوسط خلفية سوداء كالنحت البارز

 ما الذي تريدينه بمنحوتاتك في هذا العالم المضطرب والمسكون بثافة الموت ، وما هو خطابك فيه؟ النحت لغة حوار وأصالة فكرة ، ماتعليقك ؟

كل أعمالي تحاكي فكرة ما .. لذا قدمت في معرض أنين الأرض،  فكرة استخدام خامات طبيعية كأغصان وجذور الأشجار، لأنها تغذت من ألم الأرض على ظلم البشر منذ أول جريمة في التاريخ،  عندما قتل قابيل أخيه هابيل ليومنا هذا فالخامة هنا معبرة عن مضمون العمل وجزء لا يتجزأ عنه .

وكان المعرض بمثابة رسالة حب وسلام من أمنا الأرض لأبنائها البشر من الشيخ الكبير إلى الطفل الصغير، وحتى الجنين الذي لم يولد بعد فقد خلقنا لنعمر الأرض لا لنفسد فيها ونسفك الدماء

بالإضافة إلى الخامات المتعارف عليها من خشب وحجر وبرونز ، تستخدمين ألياف الأشجار، فما سبب هذا الاختيار؟

إن عشقي للطبيعة وتأملي المستمر وبحثي الدائم  عن خامتي وأسلوبي الخاص جذبني إلى الألياف الطبيعية بتشابكاتها وملمسها فالقيمة الملمسية للخامة لها تأثير كبير لتجسيد المضمون الفكري للعمل ولهذا كان استخدامي هذه الخامة أثناء دراستي في كلية الفنون كانت بمثابة اكتشاف وإضافة جديدة لخامات النحت أدّت إلى حصولي على جائزة الإبداع للشباب في مجال النحت للعام 2000 ولقد استخدمتها في أعمال كبيرة أثناء فترة الدراسات العليا, كل هذا جعلتني أبحث أكثر عن تقنيات جديدة في استخدامي لهذه الخامة إضافة إلى استخدامي للخامات النحتية الأخرى كالحجر وغيره

 ماذا يعني لك هذا الطائر، وتلك الموجودات السماوية ؟ تحطمين نظام الصورة الأيقونية ، وتحيلها من قيم بنائية مادية إلى بنية فكرية جديدة، ماتعليقك؟

تستهويني الطيور بجمالها وانسيابيتها وصفاتها  فهي مخلوقات ذكية لها قوانينها فالغراب أول معلم للإنسان وجسدت ذلك في معرض أنين الرض فالطيور لها صفات قريبة من بعض البشر فالعقاب الذهبي يكتفي بشريك واحد طيلة حياته والبلبل لايتكاثر في القفص لأنه يرفض العبودية  ولذلك كثيراً ما أجسد شخصا أو قضية معينة بنوع من أنواع الطيور في منحوتاتي ولكني لم  أنحت الطائر  بشكل  واقعي كامل بل استعير أجزاء معينة في كل عمل كالرأس أو الأجنحة

أما الفضاء بنجومه وسدمه ومجراته له مكانة عندي ولكلا منها دلالته وأعتقد أن لكل شخص نجمه الخاص وحاولت المزج بين الطيور وتكويناتي الغرائبية والأشكال الكونية

هل ماتنحتينه مدفوع بتوهج باطني أم بتاثير من دافع خارجي؟

هناك أعمال تمثل قضية معينة ورسالة أرسلها من خلال تجسيدي للمنحوتة واخرى تمثل شخص اوتجربة معينة وهناك اعمال اعتبرها بمثابة توثيق لمشاعري ولن اعرضها فهي لي وحدي

وكل اعمالي تمثلني بانتمائي لمجتمعي وحضارتي ومعتقداتي واحلامي  وان لم اقصد ذلك فلعقل الباطن والخزين الفكري والمعرفي والخبرات السابقة كلها تتجسد بالعمل الابداعي

ما المنحوتة التي تحلم بها عاتكة ؟ وماخاماتها ؟

لم أحلم بمنحوتة معينة ولكني مستمرة ببحثي عن خامات وتقنيات جديدة لم يستخدمها أحد غيري من خلال تأملي الدائم للطبيعة التي لاينافسها مخلوق على الوجود فهي مصدر إلهام كل المبدعين.

شاهد أيضاً

التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي

الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …