منصة الصباح

قوة الإدمان على القصص 

ترجمة : أسماء حسين

مهارات “الحيوان الحكّاء”: أسئلة لـ (جوناثان غوتشل) حول قوة القصة

حوار: دانييل بينك

هل سمعت تلك القصة حول.. ؟

هناك احتمالات، أنك بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى هذا المنشور، كنت قد سمعت بالفعل عشرات القصص خلال يومك. وقبل الذهاب إلى النوم، ستواجه العشرات كذلك. وقد ترغب في بعض هذه القصص بعمق بحيث ستدفع مقابلها.

كنوع، نحن مدمنون على القصص. لكن لماذا؟

يعود اهتمامي بقوة القصص إلى فترة طويلة، لذا بالطبع كان لدي بعض الأسئلة لجوناثان حول ما تعلمه بشأن هذا الموضوع:

يمكنك تقديم حالة مقنعة للغاية تخدم  إدماننا – متعدد النطاق – للقصص. ومع ذلك، فإن الكثير من الوقت الذي نقضيه في مطالعة القصص، سواء عبر قراءة الروايات، أو مشاهدة الأفلام والتلفزيون، أو ألعاب الفيديو، أو أحلام اليقظة، توصف بأنها “صيغة هروب” أو “إهدار وقت ثمين”. هل يمكنك تفسير تلك المفارقة؟

نحن نحب القصص. نحن مفتونون للغاية بالصراعات الخيالية للأشخاص الخيالية.

لكن ذلك الحب يمتزج مع القليل من التزمت: إذا كان الوضع جيدًا، فلا يكون جيدًا تمامًا بالنسبة لنا. لذا، لعدة قرون، لم نشعر بالقلق من أن القصص تهدر وقتنا فحسب، بل والأسوأ من ذلك أنها تعزز الكسل والفساد الأخلاقي لدينا. أعتقد أن هذا القلق في غير محله.

يتناول كتابي كيف أن القصص – من الخيال التقليدي إلى أحلام اليقظة – تعد من العناصر الغذائية الأساسية والصحية للخيال البشري.

تساعدنا القصص في المران على معضلات الحياة الكبيرة، وتجلب النظام إلى فوضوية التجربة، وتساعد على توحيد المجتمعات حول قيم مشتركة. ينبغي ألا نشعر بأي ذنب بشأن وقتنا في عالم القصة.

كما تقول في كتابك، فإن رواية القصص تتخلل عالم الأعمال – فدعاية المبيعات عبارة عن قصة قصيرة جدًا، والعرض التقديمي هو قصة أطول، وبالطبع نروي قصصًا محفزة لبعضنا البعض طوال الوقت في محل العمل.

هل تعتقد أن الأمر كان دائمًا كذلك؟ هل كان للأعمال والتجارة دائمًا نزعة روائية؟ وهل من شأن ذلك أن يتغير؟

هناك نموذجان أساسيان للطبيعة البشرية في عالم الأعمال.

يفترض نموذج “العقل الحداثي” أن النفوذ البشري – متمثلًا في الحكمة والذكاء – هو الذي يميز جنسنا حقًا. استنادًا إلى هذا النموذج، فإن أفضل طريقة لتحقيق أهداف العمل هي تحطيم الأرقام وإرساء الحقائق وانتظار الجهات الفاعلة العقلانية لتحتشد على وجهة نظرك. هذا هو النموذج التقليدي.  لكن نموذجًا جديدًا للطبيعة البشرية آخذ في الظهور استكمالًا للنموذج التقليدي وليس بدلًا عنه. هذا ما أسميه نموذج “الخيال الحداثي” – أو “الإنسان الخيالي” – للطبيعة البشرية.

يعترف هذا النموذج بأن البشر مخلوقات عاطفية بقدر ما هي منطقية، وأن الحقائق والحجج تؤثر بنا أكثر عندما تندمج في قصص جيدة. حيث كان الكهنة والسياسيون والمعلمون في العالم يعرفون ذلك دائمًا بالغريزة، وكذلك عرفه مسوقو العالم.

الأمر المختلف الآن هو الذهاب بسرد القصص إلى ما هو أبعد من التسويق، وإلى جميع قطاعات عالم الأعمال التي تنطوي على التواصل والإقناع. وعلى هذا النحو، يُنظر بشكل متزايد إلى رواية القصص على أنها مهارة أعمال أساسية.

هذا يبدو منطقيًا. في الواقع، أنت تصف الإعلانات التجارية على أنها “قصص قصيرة مدتها نصف دقيقة”، وتشير إلى إعلانات “جاك لينك للحوم البقر” كمثال:  “هم لا يقولون شيئًا عن المنتج، بالمناسبة. إنهم فقط يروون قصصًا عن رجال محبين للحوم البقر يضايقون بسخافة شخصًا غريبًا بريئًا ويربحون نزالًا عنيفًا”. لا شيء عن المنتج؟ كيف يجري هذا؟

تخيل أنك مسوِّق لمنتج لحوم بقرية يحاول أن يأخذ علامته التجارية المجهولة نسبيًا إلى القمة. ماذا يمكنك أن تقول عن منتجك لتمييزه عن الماركات الأخرى للحوم البقر المجففة والمملحة؟ يمكنك الادعاء بأن المنتج الخاص بك لذيذ جدًا أو صحي، ولكن هذا لن يثير أحدًا. لذا قرر “جاك لينك” أن يروي أروع وأطرف القصص بقدر ما يمكن، مع ظهور منتجهم في القصص فقط في وضع منتج مستخدم – بنفس الطريقة التي يمكن أن يظهر بها الفحم في مسرحية هزلية. تلك المحاولة لإنشاء اتصال عاطفي إيجابي مع المستهلكين حققت نجاحًا لوقت طويل. فقد أحب الناس الإعلانات التجارية لدرجة أنها خرجت عن مسارها لتصل مشاهدتها إلى ملايين المرات على قنوات يوتيوب ومشاركتها عبر الشبكات الاجتماعية. ونتيجة لذلك، أصبح “جاك لينك” الآن علامة تجارية يعرفها أغلبهم ويفكرون بشأنها إيجابيًا.

ما الشيء المحدد الذي يمكن للقراء القيام به – خلال اليوم – لترجمة ما تعلمته عن قوة القصص إلى أفعال وسلوكيات في حياتهم؟

أود أن يأخذ القراء لحظة المضي قدمًا (افعلها الآن) للتعجب من دور القصة في الحياة البشرية – بدءًا من الأحلام، إلى برامج الواقع، والأساطير الحضارية، والأديان، وأغاني البوب، وسير الحياة التي تحدد هوياتنا الشخصية. بالنسبة للبشر، فالقصة تشبه الجاذبية – إنها تلك القوة الجبارة والشاملة التي بالكاد نلاحظها لأننا معتادون عليها. لكن الجاذبية تؤثر علينا طوال الوقت، والقصة أيضًا.

يعتقد معظمنا أن وقتنا في مقاطعات عالم القصة لا يشكلنا أو يغيرنا. لكن الأبحاث توضح أن القصة تشكل الإنسانية على المستويات التاريخية والثقافية والشخصية.

القصة ليست زمنًا مهدرًا في حياة الإنسان – أو شيء نفعله فقط من أجل الانطباعات. القصة أداة قوية للغاية. ومن خلال تثقيف أنفسنا قصصيًا، يمكننا استخدامها لمعرفة مكامن القوة في حياتنا الخاصة.

شاهد أيضاً

التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي

الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …