نقطة نظام
بقلم /فوزي البشتي
إذا كان على عينيك القفز يوميا على عشرات الصفحات من اليوميات المحلية والاسبوعيات والشهريات ، وما تيسر من غيرها ، عربيات وأجنبيات ، وعلى اذنيك الامتلاء بعشرات الاذاعات المحلية والاقليمية والدولية الناطقة بالعربية والناطقة بغيرها ، وإذا كنت محكوما بصرف مساحة الليل مسمر العينين على الشاشة الصغيرة ذات المحطات المتزينة والمتنافسة ، أضف إلى ذلك اشرطة الخيالة والمسرحيات .
إذا كان عليك أن تستمع حتى تصم ، وأن تقرأ حتى تصبح الاشياء سوداء ، وأن ترى حتى تكاد تلمس وتذوق وتشم ، وإذا كنت مسكونا بعشرات العناوين الفارقة للأعمال الطازجة وتلك المقيمة في الذاكرة والامسيات والندوات وحلقات النقاش وغيرها الكثير من المغري المثير للعرق والدمع أو للغرائز التي تتراوح بين الجوع والشهوة والمعرفة والحشرية ..وإذا كنت لا تزال تحفظ بعض النوادر والأمثال والقصائد والحكم الاضطرارية الخارجة من سير الاحداث والحكايات . نحن من أين نأتي بالوقت لنقرأ أو نكتب ؟
ونتساءل بحق مشروع ماذا تفعل إذا كنت تكتب وتقرأ ؟.
هل تتسع الآذان ونسيج الاعصاب بكل هذا الضجيج الصادر من الهمس والصراخ والحرب على السواء ، للضجيج المتصل من خرير السواقي وهدير الأمواج. من أين تأتي بالوقت لتتمتع بجماليات الوجود مع أنك مؤمن بجماليات الكلام المسؤول عن الجمال ، وتنظر إلى اطلاقة إيليا ماضي الرائعة ( كن جميلا ترى الوجود جميلا). من أين لك الوقت لكي تختلس النظر إلى البحر والبر الربيعي وتقرأ وبامتلاء قول اب تمام السديد 🙁 دنيا معاش للورى ، حتى إذا جاء الربيع قائما هي منظر ).. وتعود إلى ذاتك قاصرة ، تقبل تحدي الدوامة ولو تحولت إلى (طابة ) بين أرجل اللحظات والحروف واسيادما العناوين والهموم سواء منها المقيمة في اعماق النفس أو تلك المقيمة في التعبيرات والمسجلة على الصفحات .
إنها دوامة الحواس واللاحواس ، والشعور واللاشعور ؟!.