بقلم / د . سليمان الشحومي
مؤسس سوق الأوراق المالية
يتشابه الوضع الحالي مع السير على رمال النفط المتحركة، يزداد كل يوم تعقيدا و صعوبة في ظل غياب إرادة واضحة تفرض حلا شاملا اقتصاديا و ليس ترتيبات أنتجت واقعا يغرق اقتصاد البلاد و يصعب عليها النهوض .
اذا امعنا النظر في الازمة الليبية الحالية و دون الخوض في التفاصيل نجد اننا نكاد نتشابه مع الحالة اللبنانية في سرعة الاندفاع و الانكشاف بسبب سيطرة الدولار علي الاقتصاد سيطرة تامة، و أنفصال الوضع النقدي عن الوضع الاقتصادي و الذي اصبح مسيطرا برغم هشاشته بفعل الانقسام السياسي و الذي قاد لانقسام ادارة البنك المركزي و ما لحق به من تصرفات أضرت بسلامة النظام النقدي الليبي فتوقف منظومة المقاصة عن البنوك التي وقعت تحت سيطرة البنك المركزي بالبيضاء أدي الي تناقص أرصدتها لدى البنك المركزي طرابلس مما يحد من قدرتها علي مجابهة طلبات الحصول على الدولار الموجود فقط لدي المركزي طرابلس، و طبعا ذلك خطير و يهدد بحصر عمليات الصرف الأجنبي علي بعض البنوك دون غيرها .
و علي نفس المنوال استفحلت عمليات طباعة العملة من الطرفين ودون تنظيم او توافق و استخدمها البنك المركزي البيضاء لتمويل عمليات الحكومة المؤقتة و استخدمها البنك المركزي طرابلس لمعالجة ازمة السيولة، و اخيرا ارتفاع مخاطر تقلص عمليات تصدير النفط او توقفه و بالتالي تقلص الايرادات للاقتصاد الليبي مما سينعكس فورا علي سعر الدولار المحرك الاساسي للاقتصاد النقدي، صحيح انه لا توجد عدالة في توزيع دخل النفط و هذه اكبر مشكلة وعمقتها إيقاف المقاصة بين الشرق و الغرب و طباعة العملة المتفاقمة ولكن إيقاف تصدير النفط سوف تكون عواقبه اكثر سلبية علي المواطن و ما سيرتبه من تدهور حقيقي في احتياطيات البنك المركزي فقدرته علي الاستدامة محدودة بسبب عدم وجود مصادر اخري للدولار كما سيحد من قدرة البنك المركزي علي بيع الدولار في صوره المختلفة مما يزيد من تردي الاوضاع و يربك اكثر المشهد و يغرق الجميع في رمال النفط.
قد يكون الحل او الحلول الاقتصادية معروفة لدي الجميع و قطعا تبدأ بإعادة البنك المركزي كمؤسسة تعمل وفقا للقانون بمجلس ادارة موحد و إرجاع المقاصة بين ارجاء البلاد و النظر في إصدارات العملة و اعادة تنظيم طباعتها و تداولها. طبعا ذلك باختصار الحل النقدي و الذي سيتبعه إجراءات لإعادة هيكلة المؤسسة النقدية بشكل كامل و فقا لرؤية و استراتجيات واضحة، اما المعالجة الاقتصادية الشاملة للاقتصاد الوطني الليبي فهي تتعدي مسالة اجراء تعديلات علي السياسات الاقتصادي لتصل الي هيكلة حقيقية تعيد بناء اقتصاد منوع و منظم و شفاف و هذا حتما يحتاج إرادة وطنية و نظام مستقر و وواضح المعالم.