د.علي المبروك أبوقرين
إن الخدمات الصحية هي العصب الحيوي لصحة وحياة الناس ورفاه المجتمع وأساس التنمية ، وبقدر الحاجة الماسة لتطوير البنية التحتية الصحية وفق متطلبات التقنية والتكنولوجيا والتطور في العلوم والخدمات الصحية ، وجعلها في المتناول وسهلة الوصول إليها والحصول عليها بعدالة وإنصاف ، خدمات قائمة على الرقمنة والسجلات الطبية الإلكترونية ، والذكاء الاصطناعي والتطبيقات الإلكترونية الحديثة ، والخدمات الصحية الاستباقية والتنبؤية والصحة الواحدة والافتراضية والروبوتية والتطبيب عن بعد والصحة الفردية ، وإستخدام أحدث الطرق والأساليب الحديثة في التشخيص والعلاج والتأهيل ومكافحة الأمراض ، وتطبيق أحدث إصدارات المعايير الدولية للخدمات الصحية وسلامة المرضى ومكافحة العدوى ، وتحقيق كل ما يتماشى مع المؤشرات العالمية للسعات السريرية وأعداد القوي العاملة الصحية وتنوعها الإداري والفني والخدمي وتخصصاتها وخبراتها وكفاءاتها ، وتحقيق الكفاية والاكتفاء من الأدوية والمستلزمات الطبية الحديثة والأصلية وسلاسل إمداد متكاملة ومغلقة وآمنة ومحكمة بالتوكيد والتسلسل الرقمي ونظام التتبع والتحقق من الصلاحية والكفاءة والفاعلية والإنتاجية ، هذه هي المتطلبات الأساسية لأي نظام صحي قوي وفعال ومنصف ، ولكن لتحقيق ذلك يحتاج ألاهتمام بالتنمية البشرية الصحية التي تستطيع أن تقوم بمهامها على أكمل وجه ، وأن تغطي المناهج الدراسية العلوم الطبية والصحية بما يتناسب مع جميع مراحل التعليم ، ووجود كليات طب حديثة تتوفر فيها البنية التحتية التعليمية للطب البشري وإمكانية التعليم التفاعلي والآلي والمحاكاة والتعليم عن بعد والبحوث العلمية الطبية ، وأن توجد برامج تؤامة وتعاون علمي مع الجامعات وكليات الطب العالمية المصنفة كأعلى معدلات عالميًا ، وأن يكون لها و بها مستشفيات جامعية متكاملة ومجهزة وفق المعايير العلمية والفنية والإدارية التعليمية العالمية ، مستشفيات تعليمية مرجعية يتوفر بها كل الإمكانات التشخيصية والعلاجية والتأهيلية والتعليمية والتدريبية والبحثية ، وأن يكون بها أعضاء التدريس الذين تنطبق عليهم الشروط والمواصفات والخبرات المطلوبة عددًا ودرجات علمية وقدرات تعليمية يغطون جميع الأقسام للعلوم الأساسية والإكلينيكية والبحثية والتدريب السريري ، مما يجعل كل خريجي الطب يحملون شهادات جامعية معتمدة محليًا ودوليًا ، وتدريب عالي يحصل كل طبيب وطبيبة على شهادة التميز في في كل ما يجب عليهم عمله لا غير ( Privilege ) , وبرامج للتخصص أكاديمية أو مهنية كلا وفق متطلباته وشروطه وقوانينه على أن يتوافق مع ما هو معمول به في دول ألعالم المتقدمة علميًا وطبيًا ، وهذا ما يجب أن يطبق على القطاع الخاص وأن لا يرخص أو يعتمد أي نشاط للتعليم الطبي الخاص دون الإيفاء بكل الشروط والقوانين واللوائح بما فيها مواصفات المباني والبنية التحتية التعليمية والبحثية والخدمية ، والمستشفيات التعليمية الخاصة بها ، وأعضاء التدريس المتفرغين للعمل بها ، على أن تخضع بالكامل للرقابة والمتابعة والتدقيق والتقييم والحوكمة والشفافية المستمرة ، والفصل الكامل بين التعليم الطبي العام والخاص ، وكذلك بالنسبة لقطاع التمريض الذي يجب أن يكون مبدئيا بمستوى معاهد عليا لا دون ذلك ، تتوفر بها المعامل التعليمية والتدريبية والمحاكاة والتعليم التفاعلي والآلي وتتبع لمستشفيات تعليمية يتم فيها الانخراط في التعليم والتدريب السريري من اليوم الأول ، والتعليم الجامعي والدراسات العليا التخصصية في كل تخصصات التمريض ، بكليات للتمريض تتوفر بها ما يتوفر للطب وبنفس المستشفيات الجامعية ، وكذلك الفنيين الصحيين وخدمات الإسعاف التي تتطلب قدرات وخبرات أعلى من التمريض وأقرب للأطباء للقيام بمهام الإسعاف والإنقاذ والاخلاء الطبي ، وخط الدفاع الأمامي في الكوارث والأزمات والحروب ، والإدارة الصحية في كل مستوياتها تحتاج للتأهيل العالي المتخصص والمواكب للنهضة الإدارية الصحية ، ويطراء ذلك على باقي المهن والتخصصات المطلوبة لإدارة نظام صحي قوي وفعال ومنصف ، ولذلك لن ينصلح حال الطب والخدمات الصحية في بلادنا إن لم يتم التدخل السريع في إصلاح التعليم والتدريب الطبي والتمريضي والفني والإداري ، والتوعية الصحية المجتمعية المستمرة في المدارس والجامعات وفي العمل والمعسكرات وفي الريف والقرى والمدن ، ودمج السياسات الصحية في جميع القطاعات ( التعليم والبيئة والزراعة والشؤون الاجتماعية وغيرها ) ..
بالثقافة الصحية المجتمعية ، وبالتعليم الطبي والصحي الراقي والمتقدم ترتقي الخدمات الصحية وتتقدم . وتتحقق الصحة والعافية للجميع وبالجميع بعدالة وإنصاف لكل الناس في كل مكان دون تمييز..